حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا﴾: لما ترَك القومُ أمرَ اللهِ، وقتَلوا رسلَه، وكفَروا بآياتِه، ونقَضوا الميثاقَ الذي أُخِذ عليهم - طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهم ولعَنَهم.
وقال آخَرون: بل هو مُواصِلٌ لما قبلَه. قالوا: ومعنى الكلامِ: فأخذتهم الصاعقةُ بظلمِهم، فبنقضِهم ميثاقَهم، وكفرِهم بآياتِ اللهِ، وبقتلِهم الأنبياءَ بغيرِ حقٍّ، وبكذا وكذا أخَذَتْهم الصاعقةُ. قالوا: فتبِع الكلامُ بعضُه بعضًا، ومعناه مَرْدودٌ إلى أولِه، وتَفْسيرُ ظلمِهم الذى أخَذَتْهم الصاعقةُ مِن أجلِه ما فسَّرَه تعالى ذكرُه من نقضِهم الميثاقَ، وقتلِهم الأنبياءَ، وسائرِ ما بيَّن مِن أمرِهم الذى ظلَموا فيه أنفسَهم.
والصوابُ مِن القولِ فى ذلك أن قولَه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾. وما بعدَه مُنْفَصِلٌ معناه مِن معنى ما قبلَه، وإنما معنى الكلامِ: فيما نقضِهم ميثاقَهم وكفرِهم بآياتِ اللهِ، وبكذا وبكذا، لعَنَّاهم وغضِبْنا عليهم، فترَك ذكرَ "لَعَنَّاهم" لدلالةِ قولِه: ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾. على معنى ذلك، إذ كان مَن طُبِع على قلبِه فقد لُعِن وسُخِط عليه.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصوابِ؛ لأن الذين أخَذَتْهم الصاعقةُ إنما كانوا على عهدِ موسى، والذين قتَلوا الأنبياءَ والذين رمَوْا مَريمَ بالبُهتانِ العظيمِ وقالوا: قتلْنا المسيحَ. كانوا بعدَ موسى بدهْرٍ طويلٍ، ولم يُدْرِكِ الذين رمَوْا مريمَ بِالبُهْتَانِ زمانَ موسى، ولا مَن صَعِقَ مِن قومِه.
وإذ كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أن الذين أخَذَتْهم الصاعقةُ، لم تَأْخُذْهم