للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتبِ، وكذَّبوا ببعضٍ، فكان تصديقُهم بما صدَّقوا به قليلًا؛ لأنهم وإن صدَّقوا به مِن وجهٍ، فهم به مُكَذِّبون من وجهٍ آخرَ، وذلك مِن وجهِ تكذيبِهم مَن كذَّبوا به مِن الأنبياءِ، وما جاءوا به مِن كتبِ اللهِ، ورسلُ اللهِ يُصَدِّقُ بعضُهم بعضًا، وبذلك أمَر كلُّ نبيٍّ أمتَه، وكذلك كتبُ اللهِ يُصَدِّقُ بعضُها بعضًا، ويُحَقِّقُ بعضٌ بعضًا، فالمُكَذِّبُ ببعضِها مُكَذِّبٌ بجميعِها مِن جهةِ جحودِه ما صدَّقه الكتابُ الذى يُقِرُّ بصحتِه، فلذلك صار إيمانُهم بما آمَنوا مِن ذلك قليلًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾. يقولُ: فبنقضِهم ميثاقَهم لعَنَّاهم، ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ﴾ أي: لا تفقهُ، ﴿بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾، ولعنَهم حينَ فعَلوا ذلك (١).

واخْتُلِف فى معنى قولِه: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ﴾ الآية، وهل هو مُواصِلٌ لما (٢) قبلَه من الكلامِ، أم هو مُنْفَصِلٌ منه؛ فقال بعضُهم: هو مُنْفَصِلٌ مما قبلَه، ومعناه: فينقضِهم ميثاقَهم وكفرِهم بآياتِ اللهِ وقتلِهم الأنبياءَ بغيرِ حقٍّ، وَقَوْلِهِمْ: قُلُوبُنا غُلْفٌ (٣). طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ ولعَنَهم.


(١) تقدم تخريجه في ٢/ ٢٢٩.
(٢) في الأصل: "بما".
(٣) بعده في الأصل، م: "بل". على ذكر سياق الآية، وبحذفها يستقيم الكلام وقوله: (فبنقضهم) متعلق بـ (طبع).