للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتاكم من الحججِ على حقيقةِ ذلك ما قطَع عُذرَكم، وأزال الشكَّ من قلوبِكم، ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾. قيل: عُنِي بذلك: وقد أخَذ منكم ربُّكم ميثاقَكم في صُلْبِ آدمَ، بأن اللَّهَ ربُّكم، لا إلهَ لكم سِواه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾. قال: في ظهرِ آدمَ (١).

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ غيرَ أبي عمرٍو: ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ﴾، بفتحِ الألفِ من ﴿أَخَذَ﴾ ونصب "الميثاقِ"، بمعنى: وقد أخَذ ربُّكم ميثاقَكم. وقرَأ ذلك أبو عمرٍو: (وقد أُخِذ ميثاقُكم) بضمِّ الألفِ ورفعِ الميثاقِ، على وجهِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه (٢)

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان مُتقارِبتا المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، وإن كان فتحُ الألفِ من ﴿أَخَذَ﴾ ونصبُ "الميثاقِ" أعجبَ القراءتين إليَّ في ذلك؛ لكثرةِ القرَأةِ بذلك، وقلةِ القرَأةِ بالقراءةِ الأخرى.

وقولُه: ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾. يقولُ: إن كنتم تُرِيدون أن تُؤْمِنوا باللَّهِ يومًا من الأيامِ، فالآن أحرَى الأوقاتِ أن تُؤْمِنوا؛ لتتابُعِ الحُجَجِ عليكم بالرسولِ وأعلامِه، ودعائِه إيَّاكم إلى ما قد تقرَّرت صحتُه عندَكم بالأعلامِ والأدلةِ والميثاقِ المأخوذِ عليكم.


(١) تفسير مجاهد ص ٦٤٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧١ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر
(٢) ينظر حجة القراءات ص ٦٩٧، ٦٩٨.