للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ ذلك بعضُ قَرَأةِ الكوفة والبصرةِ: ﴿بِعَذَابٍ بَئِيسٍ﴾. على مثلِ "فَعيلٍ"، من البؤسِ، بنصب الباءِ وكسر الهمزة ومدِّها (١).

وقرأ ذلك كذلك بعض المكيين، غير أنه كسر باءَ: (بِئيسٍ). على مثال "فعيل" (٢).

وقرأه بعضُ الكوفيين: (بَيْئِسٍ). بفتح الباء وتسكين الياء وهمزةٍ بعدها مكسورةٍ، على مثالِ "فَيْعِلٍ" (٣).

وذلك شاذٌّ عند أهلِ العربية؛ لأنَّ "فَيْعِل" إذا لم يكن من ذواتِ الياء والواو، فالفتح في عينه الفصيحُ في كلام العربِ، وذلك مثل قولهم في نظيره من السالم: صَيْقَلٌ (٤)، ونَيْرَبٌ (٥). وإنما تُكْسَرُ العين من ذلك في ذواتِ الياء والواوِ، كقولهم: سَيِّدٌ، وميِّتٌ. وقد أنشدَ بعضُهم قول امرئِ القيس بن عابسٍ الكنديِّ (٦):

كِلاهُما كانَ رَئِيسًا بَيْئِسَا … يَضْرِبُ في يَوْمِ الهِياجِ القَوْنَسا (٧)

بكسر العين من "فيعِل"، وهى الهمزةُ من "بَيْئِس". فلعل الذي قرَأ ذلك كذلك قرأه على هذه.

وذُكِرَ عن آخَرَ من الكوفيين أيضًا أنه قرَأه: (بَيْئَسٍ). نحو القراءة التي ذكرناها


(١) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وحمزة والكسائي، وحفص عن عاصم. ينظر النشر ٢/ ٢٠٥.
(٢) ينظر تفسير القرطبي ٧/ ٣٠٨، والبحر المحيط ٤/ ٤١٣، وقد نسباها إلى أهل مكة ولم يسميا أحدا.
(٣) هي قراءة عيسى بن عمر والأعمش بخلاف عنه وهى قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٤/ ٤١٣.
(٤) الصيقل: شحاذ السيوف. اللسان (ص ق ل).
(٥) النيرب: الشر والنميمة، وهو أيضا الرجل الجليد. اللسان (ن ر ب).
(٦) البيت في البحر المحيط ٤/ ٤١٣.
(٧) القونس: مقدم الرأس. اللسان (ق ن س).