للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنهارِ -[وحَمَلَكم في البَرِّ والبحرِ] (١) - وذلك هو معنى قولِه: ﴿وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ﴾ - وأنْزَل لكم الغيثَ مِن السماءِ، فأخْصَب به جَنابَكم (٢) بعدَ جُدُوبِه، وأَمْرَعَه (٣) بعدَ دُثُورِه، فنَعَشَكم (٤) به بعدَ قُنوطِكم - وذلك هو معنى قولِه: ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ - وسخَّر لكم الأنعامَ فيها لكم مطاعِمُ ومآكلُ، ومنها جَمالٌ ومَراكِبُ، ومنها أثاثٌ وملابسُ - وذلك هو معنى قولِه: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ - وأرسلَ لكم الرِّياحَ لَواقِحَ لأشجارِ ثمارِكم وغذائِكم وأقْواتِكم، وسَيَّر لكم السحابَ الذي بوَدْقِه (٥) حياتُكم، وحياةُ نَعَمِكم ومواشِيكم، وذلك هو معنى قولِه: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾.

فأخْبَرَهم أن إلهَهم هو اللهُ الذي أنْعَم عليهم بهذه النِّعمِ، وتَفَرَّد لهم بها، ثم قال: ﴿هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الروم: ٤٠]، فتُشْرِكوه في عبادتِكم إياي، وتَجْعلوه لي نِدًّا وعِدْلًا؟ فإنْ لَمْ يكنْ مِن شركائكم مَن يَفْعَلُ من ذلكم مِن شيْءٍ، ففي الذي عدَدْتُ عليكم مِن نِعْمتي، وتَفَرَّدتُ لكم بأياديَّ دَلالاتٌ لكم إنْ كنتم تَعْقِلون مواقعَ الحقِّ والباطلِ، والجَوْرِ والإنصافِ، وذلك أنِّي لكم بالإحسانِ إليكَم مُتفرِّدٌ دونَ غيري، وأنتم تَجْعَلون لي في عبادتِكم إيَّايَ أنْدادًا. فهذا هو معنى الآيةِ.


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في الشمس والقمر".
(٢) الجناب: الناحية، والفناء وما قرب من محلة القوم. اللسان (ج ن ب).
(٣) أمرع: أخصَب وأكْلأ. اللسان (م ر ع).
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فينعشكم".
(٥) الوَدْق: المطر كله شديده وهَيِّنُه. اللسان (و د ق).