للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قومَك قد فزِعوا منها. قال: "يا عمِّ، ما أنا بالذي أَقولُ غيرَها حتى يأتوني (١) بالشمسِ فيَضَعوها في يديَّ، ولو أتَوْني بالشمسِ فوضَعوها في يديَّ ما قلتُ غيرَها"؛ إرادةَ أن يُؤْيِسَهم، فغضِبوا (٢) وقالوا: لَتَكُفَّنَّ عن شتمِك آلهتَنَا، أو لَنَشْتُمَنَّك ولَنَشْتُمَنَّ مَن يَأْمُرُك. فذلك قولُه: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: كان المسلمون يَسُبُّون أصنامَ الكفارِ، فيَسُبُّ الكفارُ اللهَ عَدْوًا بغيرِ علمٍ، فأَنْزَل اللهُ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (٤).

حدَّثني يونُسُ، قال: أخْبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾. قال: إذا سبَبْتَ إِلَهَه، سَبَّ إِلهَك، فلا تَسُبُّوا آلهتَهم.

وأَجْمَعَت الحُجَّةُ (٥) مِن قرأةِ الأمصارِ على قراءةِ ذلك: ﴿فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾. بفتحِ العينِ وتسكينِ الدالِ، وتَخفيفِ الواوِ مِن قولِه: ﴿عَدْوًا﴾.

على أنه مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: عدا فلانٌ على فلانٍ، إذا ظلمَه واعْتَدَى عليه، يَعْدُو عَدْوًا وعُدُوًّا وعُدْوانًا. والاعْتداءُ إنما هو افْتِعالٌ مِن ذلك.

رُوِي عن الحسنِ البصريِّ أنه كان يَقْرَأُ ذلك: (عُدُوًّا). مُشدَّدةَ الواوِ (٦).

حدَّثني بذلك أحمدُ بنُ يُوسُفَ، قال: ثنا القاسمُ بنُ سَلَّامٍ، قال: ثنا حجاجٌ،


(١) في م: "يأتوا".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٧ (٧٧٦٢) من طريق أحمد بن مفضل به.
(٤) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢١٥ - ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٦ (٧٧٦١) - عن معمر به وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "الأمة".
(٦) هي قراءة يعقوب، النشر ٢/ ١٩٦.