للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسُبُّون أوثانَ الكفارِ، فيَرُدُّون ذلك عليهم، فنهاهم اللهُ أن يَسْتَسِبُّوا (١) لربِّهم، فإنهم قومٌ جهلةٌ لا علمَ لهم باللهِ (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ: ﴿وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾.

قال: لما حضَر أبا طالبٍ الموتُ، قالت قريشٌ: انْطَلِقوا بنا، فَلْنَدْخُلْ على هذا الرجلِ، فلْنَأْمُرْه أَن يَنْهَى عنا ابنَ أخيه، فإنا نَسْتَحْيِي أَن نَقْتُلَه بعدَ موتِه، فتقولَ العربُ: كان يَمْنَعُه، فلما مات قتَلوه. فانطَلَق أبو سفيانَ، وأبو جهلٍ، والنضرُ بنُ الحارثِ، وأميةُ وأبيٌّ ابنا خَلَفٍ، وعقبةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ، وعمرُو بنُ العاصِ، والأسودُ بنُ البَخْتَرِيِّ، وبعَثوا رجلًا منهم يُقالُ له: المطلبُ. قالوا: اسْتَأْذِنْ على أبي طالبٍ. فأتَى أبا طالبٍ، فقال: هؤلاء مَشْيَخةُ قومِك يُرِيدون الدخولَ عليك، فأْذَنْ لهم. فدخَلوا عليه، فقالوا: يا أبا طالبٍ، أنت كبيرُنا وسيدُنا، وإن محمدًا قد آذانا وآذَى آلهتَنا، فنُحِبُّ أن تَدْعُوَه فتَنْهاه عن ذكرِ آلهتِنا، ولنَدَعْه وإلهَه. فدعاه، فجاء نبيُّ اللهِ ، فقال له أبو طالبٍ: هؤلاء قومُك وبنو عمِّك. قال رسولُ اللهِ : "ما تُرِيدون؟ ". قالوا: نُرِيدُ أن تَدَعَنا وآلهتَنا، ونَدَعَك وإلهَك. قال له أبو طالبٍ: قد أنْصَفَك قومُك، فاقْبَلْ منهم. فقال النبيُّ : "أرأَيْتُم إن أعْطَيْتُكم هذا، هل أنتم مُعْطِيَّ كلمةً إن تكَلَّمْتُم بها ملَكتُم العربَ، ودانَت لكم بها العَجَمُ الخراجَ (٣)؟ ". قال أبو جهلٍ: نعم وأبيك لَنُعْطِيَنَّكَها وعشرَ أمثالِها، فما هي؟ قال: "قولوا: لا إلهَ إلا اللهُ". فأبَوْا واشْمَأَزُّوا. قال أبو طالبٍ: يابنَ أخي، قلْ غيرَها،


(١) أي: أن يعرضوه ويجروه - سبحانه - للسب. ينظر النهاية ٢/ ٣٣٠.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٦٧ (٧٧٦٣) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة.
(٣) في م: "بالخراج"، وفي تفسير ابن أبي حاتم، وتفسير ابن كثير: "وأدت لك الخراج". والمثبت موافق لتفسير ابن كثير - النسخة الخطية، كما في طبعة دار الشعب ٣/ ٣٠٨ والدر المنثور ٣/ ٣٨. فقد عزا الأثر إلى المصنف وابن أبي حاتم.