للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* الحمدُ للهِ مُمْسانا ومُصْبَحَنا *

لأنه مِن أصبَح وأمْسَى. وكذلك تَفْعَلُ العربُ فيما كان مِن الفعلِ بناؤُه على أربعةٍ؛ تَضُمُّ ميمه فى مثلِ هذا، فتَقُولُ: دَحْرَجتُه [أُدَحْرِجُه دَحْرَجَةً ودِحْراجًا] (١) فهو مُدَحْرَجٌ، ثم يُحْمَلُ ما جاء على "أَفْعَلَ (٢) يُفْعِلُ" على ذلك؛ لأنَّ "يُفْعِلُ" من "يُدْخِلُ"، وإن كان على أربعةٍ، فإن أصلَه أن يكونَ على "يُؤَفِّعِلُ (٣) ": يُؤَدْخِلُ، ويُؤَخْرِجُ. فهو نظيرُ: يُدَحْرِجُ.

وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين والبصريين: ﴿مُدْخَلًا﴾ بضمِّ الميمِ (٤)، يعني: ونُدْخِلْكم إدخالًا كرِيما.

قال أبو جعفر: وأَوْلَى القراءتَيْن بالصوابِ قراءةُ مَن قرَأ ذلك: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾ بضمِّ الميمِ؛ لما وصَفْنا مِن أن ما كان مِن الفِعْلِ بناؤُه على أَربعةٍ في "فَعَل" (٥)، فالمصدرُ منه "مُفْعَلٌ"، وأن أدْخَل ودَحْرَج "فَعَل" منه على أربعةٍ، فالمُدخَلُ مصدرُه أَوْلى مِن "مَفْعَلٍ"، مع أن ذلك أفصحُ في كلامِ العربِ في مصادرِ ما جاء على "أفْعَلَ"، كما يُقالُ: أقام بمكانٍ فطاب له المُقامُ، إذا أُرِيد به الإقامةُ.


(١) سقط من: س، وفى ص بياض بقدر ثلاث كلمات. وفى م: "مدحرجًا". وفي ت ١ بياض بقدر كلمتين. وقد أثبتنا مقتضى ما أورده صاحب تاج العروس (مادة: دحرج) فإنه قال: دحرجه يدحرجه دحرجة، بالفتح على القياس، ودحراجًا، بالكسر وهو مقيس أيضًا كالأول. انتهى قوله. وقد رد -أى الزبيدي صاحب التاج- بعد ذلك على من قال أنه لم يسمع في دحرج: دحراج.
(٢) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فعل".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يفتعل".
(٤) هي قراءة ابن كثير المكى وأبى عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي.
(٥) يعنى: أن ما كان من الأفعال من أربعة حروف -كـ "أدخل" و "أخرج" وغيرهما- في "فعل"؛ أي في الفعل الماضي.