للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمةِ مما طَلَعَتْ عليه الشمسُ وغَرَبتْ؛ أُولاهُنَّ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [النساء: ٢٦]. والثانيةُ: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا﴾ [النساء: ٢٧]. والثالثةُ: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: ٢٨]. ثم ذكَر مثلَ قولِ ابنِ مسعودٍ سواءً، وزاد فيه: ثم أقبَل يُفَسِّرُها فى آخرِ الآيةِ: ﴿وَكَانَ اللَّهُ﴾ للذين عمِلوا الذَّنوبَ ﴿غَفُورًا رَحِيمًا﴾ (١).

وأما قولُه: ﴿وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا﴾. فإن القَرَأةَ اخْتَلَفَتْ في قراءتِه؛ فقرَأتْه عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ وبعضُ الكوفيين: (وَنُدْخِلْكُمْ مَدْخَلًا كَرِيمًا) بفتحِ الميمِ (٢)، وكذلك الذى فى "الحجِّ": (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مَدْخَلًا يَرْضَوْنه) [الحج: ٥٩]، فمعنى: (ونُدْخِلْكُمْ مَدْخَلًا). فيَدْخُلون دُخولًا كَرِيمًا. وقد يَحْتَمِلُ على مذهبِ مَن قرَأ هذه القراءةَ أن يَكُونَ المعنى في المَدْخَلِ: المكانَ والموضِعَ؛ لأن العربَ ربما فَتَحتِ الميمَ من ذلك بهذا المعنى، كما قال الراجزُ (٣):

* بِمَصْبَحِ الحَمْدِ وحيثُ يُمْسى *

وقد أنشدنى بعضُهم سَماعًا مِن العربِ (٤):

الحمدُ للهِ مَمْسانا ومَصْبَحَنا … بالخيرِ صَبَّحنا ربي ومَسَّانا

وأنشَدني آخرُ غيرَه:


(١) أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (٧١٤٥) من طريق صالح المرى به.
(٢) هي قراءة نافع وحده. السبعة لابن مجاهد ص ٢٣٢.
(٣) معانى القرآن ١/ ٢٦٤، واللسان (ص ب ح) غير منسوب فيهما.
(٤) البيت لأمية بن أبي الصلت، وهو في ديوانه ص ٤٦.