للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهج الحقِّ، وإنما عنَى الله جلَّ ثناؤُه بوَصْفهم باشترائِهم الضلالةَ مُقامَهم على التكذيبِ لمحمدٍ (١) ، وتَرْكَهم الإيمانَ به، وهم عالمِون أن سبيلَ الحقِّ الإيمانُ به وتَصْديقُه بما قد وَجَدوا مِن صفتِه في كتبِهم التي عندَهم.

وأمَّا قولُه: ﴿وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾. فإنه (٢) يعنى بذلك: ويريدُ هؤلاء اليهودُ الذين وصفهم جلَّ ثناؤُه بأنهم أوتوا نصيبًا مِن الكتابِ أن تَضِلُّوا أنتم يا معشرَ أصحابِ محمدٍ المُصَدِّقِين به. ﴿أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ﴾ يقولُ: أن تَزولوا عن قَصْدِ الطريقِ ومَحَجَّةِ الحقِّ، فتُكذِّبوا بمحمد وتكونوا ضُلَّالًا مثلَهم.

وهذا مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه تَحذيرٌ منه عبادَه المؤمنين أن يَسْتَنصِحوا أحدًا مِن أعداءِ الإسلامِ في شيءٍ مِن أمرِ دينِهم، أو أن يسمَعوا شيئًا مِن طَعْنِهم في الحقِّ.

ثم أخبرَ اللهُ جلَّ ثناؤُه عن عَداوةِ هؤلاءِ اليهودِ الذين نهىَ المؤمنين أن يَسْتَنصحوهم في دينِهم بأمرِهم (٣) إياهم، فقال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ﴾. يعنى بذلك تعالى ذكرُه: واللهُ أعلمُ منكم بعداوةِ هؤلاءِ اليهودِ لكم أيُّها المؤمنون. يقولُ: فانتَهُوا إلى طاعتي فيما (٤) نَهيتُكم عنه مِن استنصاحِهم في دينِكم، فإنى أعلمُ بما هم عليه لكم مِن الغشِّ والعداوةِ والحسدِ، وأنهم إنما يَبْغونكم الغَوائلَ، ويطلُبون أن تَضِلُّوا عن مَحَجَّةِ الحَقِّ، فتَهْلِكُوا.

وأمَّا قولُه: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾. فإنه يقولُ (٥): فباللهِ أيُّها


(١) في م، ص، ت ١، ت ٢، س: "محمد".
(٢) سقط مِن: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٤) في ص، ت ١: "مما"، وفى م، ت ٢، ت ٣، س: "عما".
(٥) في الأصل: "يعنى بقوله".