للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : فإن كذَّبك (١) يا محمدُ هؤلاء اليهودُ فيما أخْبَرْناك أنَّا حرَّمْنا عليهم وحلَّلْنا لهم، مما (٢) بيَّنا فى هذه الآيةِ، ﴿فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ﴾ بِنا وبمَن كان به مؤمنًا من عبادِه، وبغيرِهم مِن خلقِه، ﴿وَاسِعَةٍ﴾: تَسَعُ جميعَ خلقِه؛ المحسنَ والمسيءَ، لا يُعاجِلُ مَن كفَر به بالعقوبةِ، ولا من عصاه بالنِّقْمةِ، ولا يَدَعُ كرامةَ مَن آمَن به وأطاعه، ولا يَحْرِمُه ثوابَ عملِه؛ رحمةً منه بكلا الفريقَيْن، ولكنَّ بأْسَه -وذلك سَطْوَتُه وعذابُه- لا يَرُدُّه إِذا أحَلَّه -عندَ غضبِه على المجرمين- بهم، عنهم شيءٌ، والمجرمون هم الذين أجْرَموا فاكْتَسَبوا الذنوبَ واجْتَرَحوا السيئاتِ.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ﴾: اليهودُ (٣).

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ﴾: اليهودُ، ﴿فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ﴾.

حدَّثنى محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ، قال: كانت اليهودُ يقولون: إنما حرَّمه إسرائيلُ -يعنى الثَّرْبَ وشحمَ الكُلْيَتَيْن- فنحن نُحَرِّمُه. فذلك قولُه: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ


(١) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "كذبوك".
(٢) فى م: "كما".
(٣) تفسير مجاهد ص ٣٣٠ - من تمام الأثر المتقدم فى ص ٦٣٩ - ومن طريقه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٥/ ١٤١٢ (٨٠٤٥)، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٥٣ إلى ابن أبى شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبى الشيخ.