للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأنعامِ، فلم يَحُلْ بينَنا وبينَ ما نحن عليه مِن ذلك.

قال اللهُ مكذِّبًا لهم فى قيلِهم: إن اللهَ رضِى منا ما نحن عليه مِن الشركِ، وتحريمِ ما نُحَرِّمُ. ورادًّا عليهم باطلَ ما احْتَجُّوا به مِن حُجَّتِهم فى ذلك: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. يقولُ: كما كذَّب هؤلاء المشركون يا محمدُ ما جئتَهم به مِن الحقِّ والبيانِ، كذَّب مَن قبلَهم مِن فَسَقةِ الأممِ الذين طغَوْا على ربِّهم، ما جاءَتْهم به أنبياؤُهم مِن آياتِ اللهِ، وواضحِ حُجَجِه، وردُّوا عليهم نصائحَهم، ﴿حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا﴾. يقولُ: حتى أسْخَطونا، فغضِبْنا عليهم، فأحْلَلْنا بهم بأسَنا فذاقوه، فعطِبُوا بذَوْقِهم إياه، فخابوا وخسِروا الدنيا والآخرةَ. يقولُ: وهؤلاء الآخرون مسلوكٌ بهم سبيلُهم، إن هم لم يُنِيبوا، فيؤْمِنوا ويُصَدِّقوا بما (١) جئتَهم به مِن عندِ ربِّهم.

وبنحوِ الذى قلنا فى ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبى طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا﴾. وقال: ﴿كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. ثم قال: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾ [الأنعام: ١٠٧]. فإنهم قالوا: عبادتُنا الآلهة تُقَرِّبُنا إلى اللهِ زُلْفَى. فأخْبَرهم اللهُ أنها لا تُقَرِّبُهم، وقولُه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا﴾. يقولُ اللهُ سبحانَه: لو شئتُ لجَمَعْتُهم على الهُدَى أجمعين (٢).

حدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ،


(١) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فيما".
(٢) ذكره ابن كثير فى تفسيره ٣/ ٣٥٢. وينظر ما تقدم تخريجه فى ص ٤٨٠.