للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السدىِّ: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾: فهمُ العربُ، قالوا: ليس محمدٌ على شيءٍ (١).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يقالَ: إن اللهَ أخْبَر عن قومٍ وصفَهم بالجهلِ، ونفَى عنهم العلمَ بما كانت اليهودُ والنصارى به عالِمين - أنهم قالوا بجهلِهم نظيرَ ما قالت اليهودُ والنصارى بعضُها لبعضٍ، مما أخْبَر اللهُ عنهم أنهم قالوه فى قولِه: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ﴾. وجائزٌ أن يكونوا هم المشركين مِن العربِ، وجائزٌ أن يكونوا أُمةً كانت قبلَ اليهودِ والنصارى، ولا أمَّةٌ هى (٢) أوْلى أن يُقال هى التى عُنِيت بذلك من الأُخْرى، إذ لم يَكُنْ في الآيةِ دلالةٌ على أىٍّ من أىٍّ، ولا خبرَ بذلك عن رسولِ اللهِ تثْبُتُ (٣) حجتُه من جهةِ النقلِ المُسْتفيضِ، ولا مِن جهةِ نقلِ الواحدِ العدْلِ.

وإنما قصَد اللهُ جل ثناؤُه بقولِه: ﴿كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ﴾. إلى (٤) إعلامِ المؤمنين أن اليهودَ والنصارَى قد أتَوْا -مِن قيلِ الباطلِ، وافتراءِ الكذبِ على اللهِ، وجُحودِ نبوَّةِ الأنبياءِ والرسلِ، وهم أهلُ كتابٍ يَعْلمون أنهم فيما يقولون مُبْطِلون، وبجُحودِهم ما يجحَدون مِن ملتِهم خارِجون، وعلى اللهِ مُفترون- مِثلَ الذى قاله أهلُ الجهلِ باللهِ وكتُبِه ورسلِه الذين لم يَبْعثِ اللهُ


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٩ (١١٠٧) عن أبي زرعة، عن عمرو بن حماد به.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ثبتت".
(٤) سقط من: م.