للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون ظاهرًا بصورته (١) لأبصار البشر في الدنيا، فتَجْحدوا ما أقولُ لكم من ذلك، ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾. يقولُ: قل لهم: ما أَتَّبِعُ فيما أقولُ لكم وأدْعوكم إليه إلا وحىَ الله الذي يُوحِيه إليَّ، وتنزيلَه الذي يُنَزلُه عليَّ، فأمْضِى لوحيِه وأتَّمِرُ (٢) لأمرِه، وقد أتيتُكم بالحُجج القاطعة من الله عذرَكم على صحةِ قولى في ذلك، وليس الذي أقولُ من ذلك بمُنكَرٍ في عقولِكم، ولا مستحيل كونُه، بل ذلك مع وجودِ البرهانِ على حقيقتِه هو الحكمةُ البالغةُ، فما وجهُ إنكارِكم ذلك؟

وذلك تنبيهٌ من الله تعالى ذكره نبيَّه على موضع حُجتِه على منكرى نبوَّتِه من مشركي قومِه.

﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قل يا محمدُ لهم: هل يَسْتوى الأعمى عن الحقِّ والبصيرُ به؟ والأعمى هو الكافرُ الذي قد عَمِى عن حُجج الله فلا يَتَبَيَّنُها فيتَّبعها، والبصيرُ المؤمنُ الذي قد أبصَر آياتِ اللَّهِ وحُججَه، فاقْتدَى (٣) بها واستضاء بضيائها، ﴿أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ﴾. يقولُ لهؤلاء الذين كذَّبوا بآياتِ اللهِ: أفلا تتفكرون فيما أحْتَجُّ عليكم به أيُّها القومُ مِن هذه الحُجج، فتعلَموا صحةَ ما أقولُ وأدعُوكم إليه، من فسادِ ما أنتم عليه مقيمون؛ مِن إشراكِ الأوثانِ والأندادِ بالله ربِّكم، وتكذيبِكم إيايَ، مع ظهورِ حُجج صدقِي لأعينِكم، فتدَعوا ما أنتم عليه من الكفرِ مقيمون، إلى ما أَدْعُوكم إليه من الإيمانِ الذي به تفوزون؟

وبنحوِ الذي قلنا في تأويلِ ذلك قال جماعةٌ مِن أهل التأويلِ.


(١) في ص، ت ١، س: "بعبودته".
(٢) في م: "أمرّ".
(٣) في ص، ت ١،: "ما يقتدى".