للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾. يقولُ: وتمنَّوا لكم أن تَكْفُروا بربِّكم فتكونوا على مثلِ الذي هم عليه.

وقولُه: ﴿لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: لا يَدْعُوَنَّكم أرحامُكم وقراباتُكم وأولادُكم إلى الكفرِ باللَّهِ، واتخاذِ أعدائِه أولياءَ تُلْقُون إليهم بالمودةِ، فإنه لن تنفَعَكم أرحامُكم ولا أولادُكم عندَ اللَّهِ يومَ القيامةِ، فتدفَعَ عنكم عذابَ اللَّهِ يومَئذٍ، إن أنتم عصَيْتُموه في الدنيا وكفَرْتم به.

وقولُه: ﴿يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ﴾. يقولُ جل ثناؤُه: يَفْصِلُ ربُّكم أَيُّها المؤمنون بينَكم يومَ القيامةِ، بأن يُدْخِلَ أهلَ طاعتِه الجنةَ، وأهلَ معاصِيه والكفرِ به النارَ.

واختلَفت القرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرَأةِ المدينةِ ومكةَ والبصرةِ: (يُفْصَلُ بَيْنَكُمْ) بضمِّ الياءِ وتخفيفِ الصادِ وفتحِها، على ما لم يُسَمَّ فاعلُه (١). وقرَأه عامةُ قرَأةِ الكوفةِ خلا عاصمٍ بضمِّ الياءِ وتشديدِ الصادِ وكسرِها (٢)، بمعنى: يُفَصِّلُ اللَّهُ بينَكم أيُّها القومُ. وقرَأه عاصمٌ بفتحِ الياءِ وتخفيفِ الصادِ وكسرِها (٣)، بمعنى: يَفْصِلُ اللَّهُ بينَكم. وقرَأ بعضُ قرَأةِ الشامِ: (يُفَصَّلُ) بضمِّ الياءِ وفتحِ الصادِ وتشديدِها، على وجهِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه (٤).

وهذه القراءاتُ متقارباتُ المعاني، صحيحاتٌ في الإعرابِ، فبأيتِها قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

وقولُه: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: واللَّهُ بأعمالِكم أيُّها


(١) وهي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وأبي جعفر. ينظر النشر ٢/ ٢٨٩.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وضمها". وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. المصدر السابق.
(٣) وهي قراءة يعقوب أيضًا. المصدر السابق.
(٤) وهي رواية ابن ذكوان عن ابن عامر، واختلف عن هشام فروى عنه الحلواني كذلك، وروى عنه الداجوني (يُفْصَلُ). المصدر السابق.