للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا﴾ [الممتحنة: ١ - ٤] إلى آخرِ القصةِ (١).

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن عروةَ، قال: لما أُنزِلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. في حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ، كتَب إلى كفارِ قريشٍ كتابًا يَنْصَحُ لهم فيه، فأطلَع اللَّهُ نبيَّه على ذلك، فأَرْسَل عليًّا والزُّبيرَ، فقال: "اذهبَا فإنَّكما ستَجِدان امرأةً بمكانِ كذا وكذا، فأْتيا بكتابٍ معها". فانْطَلقا حتى أَدْرَكاها، فقالا: الكتابَ الذي معكِ. قالت: ليس معي كتابٌ. فقالا: واللَّهِ لا نَدَعُ عليك (٢) شيئًا إلا فتَّشناه، أو تُخْرِجِينه. قالت: أوَ لستم مسلمَين؟ قالا: بلى، ولكنَّ النبيَّ أَخبَرنا أنَّ معكِ كتابًا قد أَيقَنَت أنفسُنا أنه معك. فلما رأَتْ جِدَّهما أخرَجَتْ كتابًا مِن بينِ قرونِها، فذهبا به إلى النبيِّ ، فإذا فيه: مِن حاطبِ بنِ أبي بلتعةَ إلى كفارِ قريشٍ. فدعاه النبيُّ فقال: "أنت كتَبْتَ هذا الكتابَ؟ ". قال: نعم. قال: "ما حمَلك على ذلك؟ ". قال: أمَا واللَّهِ ما ارْتبْتُ في اللَّهِ منذُ أسلمتُ، ولكني كنتُ امرأً غريبًا فيكم أيُّها الحيُّ من قريشٍ، وكان لي بمكةَ مالٌ وبنونَ، فَأَرَدْتُ أن أدْفعَ بذلك عنهم. فقال عمرُ : ائذنْ لي يا رسولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عنقَه. فقال النبيُّ : "مَهْلًا يا بنَ الخطاب، وما يُدريك لعل اللَّهَ قد اطَّلَع إلى أهلِ بدرٍ فقال: اعْمَلُوا ما شِئْتم فإني غافرٌ لكم". قال الزهريُّ: فيه نزَلت حتى: ﴿غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (٣) [الممتحنة: ٧].

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾. إلى قولِه: ﴿بِمَا تَعْمَلُونَ


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٩٨، ٣٩٩، وأخرجه المصنف في تاريخه ٣/ ٤٨، ٤٩.
(٢) في م، ت ١: "معك".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٨٦، ٢٨٧ عن معمر به.