للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ: قال عبد العزيز: يعني عن غير نفسه - عن مجاهدٍ، قال: هو نبيٌّ في بني إسرائيل - يعنى بَلْعَمَ - أُوتى النبوة، فرشَاه قومُه على أن يَسْكُتَ، ففعل، وتركهم على ما هم عليه (١).

حدَّثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه أنه سُئِلَ عن الآية: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا﴾. فحدَّث عن سَيَّارٍ أنه كان رجلًا يقال له: بَلْعَامُ، وكان قد أُوتى النبوةَ، وكان مجابَ الدعوة (٢).

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ من القول في ذلك أن يُقالَ: إِنَّ الله تعالى ذكره أمر نبيَّه أن يَتْلُو على قومه خبَر رجلٍ كان الله آتاه حُجَجَه وأدلَّته، وهى الآياتُ.

وقد دلَّلنا على أن معنى الآياتِ الأدلةُ والأعلامُ فيما مضى، بما أغنَى عن إعادَته (٣).

وجائزٌ أن يكونَ الذي كان اللهُ آتاه ذلك بَلْعَمَ، وجائزٌ أن يكونَ أُمية.

وكذلك الآيات؛ إن كانت بمعنى الحُجَّةِ التي هي بعضُ كتب الله التي أنزلها على بعض أنبيائه، فتعلَّمها (٤) الذي ذكره اللهُ في هذه الآية وعناه بها، فجائزٌ أن يكون الذي كان أُوتِيَها بَلْعَمَ، وجائزٌ أن يكون أميّةً؛ لأنَّ أمية كان فيما يقال قد قرأ من كُتب أهل الكتاب.

وإن كانت بمعنى كتاب أنزله الله على مَن أُمِر نبيُّ اللهِ أَنْ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٤٦ إلى المصنف.
وقال الماوردى - كما في تفسير القرطبي ٧/ ٣٢٠ - : وهذا غير صحيح؛ لأن الله تعالى لا يصطفى لنبوته إلا من علم أنه لا يخرج عن طاعته إلى معصيته. وخطأ هذا القول أيضًا ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٠٩.
(٢) سيأتي بتمامه ص ٥٧٦ - ٥٧٨.
(٣) ينظر ما تقدم في ١/ ١٠٤.
(٤) في ت ١، ت ٢، س: "فيعلمه"، وغير منقوطة في ص، ف.