للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإناثِ فى حال صِباها وبعدَ وِلادتِها (١) امرأةً، والصَّبايا الصغارُ وهن أطفالٌ نساءً؛ لأنهم تأوَّلوا قولَ اللهِ جل وعزّ: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾: يَسْتَبْقون الإناثَ مِن الوِلْدانِ عندَ الوِلادةِ فلا يَقْتُلونهن.

وقد أنْكَر ذلك مِن قولِهم ابنُ جُرَيْجٍ، فقال بما حدَّثنا به القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ بنُ داودَ، قال: حدَّثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ قولَه: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾. قال: يَسْتَرِقُّون نساءَكم.

فحاد ابنُ جُرَيْجٍ بقولِه هذا عما قاله [مَن ذكَرْنا قولَه] (٢) فى قولِه: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾. إنه اسْتِحْياءُ الصَّبايا الأطفالِ (٣)، إذ لم يَجِدْهن يَلْزَمُهن اسمُ نساءٍ، ثم دخَل فيما هو أعظمُ مما أنْكَر بتأويلِه ﴿وَيَسْتَحْيُونَ﴾: ويَسْترِقُّون. وذلك تأويلٌ غيرُ موجودٍ فى لغةٍ عربيةٍ ولا أعْجَميةٍ، وذلك أن الاسْتِحياءَ إنما هو اسْتِفْعالٌ مِن الحياةِ، نظيرُ الاسْتِبْقاءِ مِن البَقاءِ، والاسْتِسْقاءِ مِن السَّقْىِ، وهو مِن معنى الاسْتِرقاقِ بمعزِلٍ.

وقد تأوَّل (٤) آخَرون قولَه: ﴿يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾. بمعنى: يُذَبِّحون رجالَكم [أبناءَ آبائِكم] (٥). وأنْكَروا أن يَكونَ المَذْبوحون الأطفالَ، وقد قرَن بهم النساءَ، فقالوا: فى إخبارِ اللهِ جل ثناؤُه أن المستحيَيْن هم النساءُ، الدَّلالةُ الواضحةُ على أن الذين كانوا يُذَبَّحون هم الرجالُ دون الصِّبْيانِ؛ لأن المُذَبَّحِين لو كانوا هم


(١) فى ص، ت ٢، ت ٣: "ولادها".
(٢) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) بعده فى ص، ر، م: "قال".
(٤) فى ر، م: "قال".
(٥) فى م: "آباء أبنائكم".