للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبى نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ، قال: لقد ذُكِر أنه كان لَيَأْمُرُ بالقَصَبِ فيُشَقُّ حتى يُجعَلَ أمثالَ الشِّفَارِ، ثم يُصَفُّ بعضُه إلى بعضٍ، ثم يُؤْتَى بالحَبَالَى مِن بنى إسرائيلَ، فيُوقَفْنَ عليه فيَحُزُّ أقْدامَهن، حتى إن المرأةَ منهن لَتَمْصَعُ (١) بولدِها فيَقَعُ (٢) بينَ رِجْلَيْها، فَتَظَلُّ تَطَؤُه تَتَّقِى (٣) به حَدَّ القَصَبِ عن (٤) رِجْلَيْها (٥)، لِمَا بلَغ مِن جَهدِها، حتى أسْرَف فى ذلك، وكاد يُفْنِيهم، فقيل له: أفْنَيتَ الناسَ، وقطَعْتَ النَّسْلَ، وإنهم خَوَلُك وعُمَّالُك (٦). فأمَرَ (٧) أن يُقْتَلَ الغِلْمانُ عامًا ويُسْتَحْيَوْا عامًا، فوُلِد هارونُ فى السنةِ التى يُسْتَحْيَا فيها الغِلْمانُ، ووُلِد موسى فى السنةِ التى فيها يُقْتَلون (٨).

فالذى قاله مَن ذكَرْنا قولَه مِن أهلِ العلمِ كان ذَبحَ آلِ فرعونَ أبناءَ بنى إسرائيلَ واستحياءَهم نساءَهم. فتأويلُ قولِه إذن -على ما تأوَّله الذين ذكَرْنا قولَهم- ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ (٩)﴾: يسْتَبقُونَهن فلا يَقْتُلونهن.

وقد يَجِبُ على تأويلِ مَن قال بالقولِ الذى ذكَرْنا عن ابنِ عباسٍ وأبى العاليةِ والربيعِ بنِ أنسٍ والسُّدىِّ فى تأويلِ قولِه: ﴿وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ﴾. أنه تَرْكُهم الإناثَ مِن القتلِ عندَ وِلادتِهن إياهن -أن يكونَ جائزًا أن تُسَمَّى الطفلُ (١٠) مِن


(١) مصعت المرأة بولدها: ألقت به. التاج (م ص ع).
(٢) بعده فى: ص، ر، م، ت ٢: "من".
(٣) فى الأصل: "وتتقى".
(٤) فى الأصل: "من".
(٥) فى ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رجلها".
(٦) فى ص: "غلمانك".
(٧) فى الأصل، ص، ر، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فتأمر". والمثبت موافق لما فى تاريخ المصنف.
(٨) أخرجه المصنف فى تاريخه ١/ ٣٨٧، ٣٨٨.
(٩) فى الأصل، ت ٢: "نساءهم".
(١٠) فى م، ت ٢: "الطفلة".