للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك بقولِه: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. فدلَّ بذلك على تَقْريعِه المشركين به (١)، ووعيدِه (٢) لهم. وبعدُ، فإنه لم يَبْلُغَنا أن أحدًا مِن أصحابِ رسولِ اللَّهُ استَعْجَل فرائضَ قبل أن تُفْرَضَ عليهم؛ فيقالَ لهم مِن أجلِ ذلك: قد جاءَتكم فرائضُ اللَّهِ فلا تَسْتَعْجِلوها. وأما مُسْتَعْجِلو العذابِ مِن المشركين، فقد كانوا كثيرًا.

وقولُه: ﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: تنزيهًا للَّهِ وعلوًّا له عن الشركِ الذي كانت قريشٌ ومَن كان مِن العربِ على مثلِ ما هم عليه يَدين به.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه تعالى: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ فقرَأ ذلك أهلُ المدينةِ وبعضُ البصريين والكوفيين: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. بالياءِ (٣) على الخبرِ عن أهلِ الكفرِ باللَّهِ، وتوجيهٍ للخطابِ بالاستعجالِ إلى أصحابِ رسولِ اللَّهِ ، وكذلك قرَءوا الثانيةَ بالياءِ. وقرأ ذلك عامَّةُ قرأةِ الكوفةِ بالتاءِ على توجيهِ الخطابِ بقولِه: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ إلى أصحابِ رسولِ اللَّهِ ، وبقولِه تعالى: (عَمَّا تُشْرِكُونَ (٤)) إلى المشركين (٥). والقراءةُ بالتاءِ في الحرفين جميعًا على وجهِ الخطابِ للمشركين أولى بالصوابِ، لما بيَّنتُ مِن التأويلِ أن ذلك إنما هو وعيدٌ مِن اللَّهِ


(١) سقط من: م.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "ووعيد".
(٣) في ف: "بالتاء".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "يشركون". ومقتضى قراءة القوم ما أثبتناه.
(٥) قرأ حمزة والكسائي: "تشركون". بالتاء، وقرأ الباقون بالياء على الابتداء. ينظر حجة القراءات ص ٣٨٤.