للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: لما نزَلت هذه الآيةُ، يعنى: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾. قَالَ رَجْلٌ (١) مِن المنافقين بعضُهم لبعضٍ: إن هذا يَزْعُمُ أن أمرَ اللَّهِ قد (٢) أتى، فأمْسِكوا عن بعضِ ما كنتم تعمَلون، حتى تَنْظُروا ما هو كائنٌ. فلما رأَوا أنه لا يَنْزِل شيءٌ، قالوا: ما نراه نزَل شيءٌ. فنزَلت: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ [الأنبياء: ١]. فقالوا: إن هذا يَزْعُم مثلَها أيضًا. فلما رأَوْا أَنه لا يَنْزِلُ شيءٌ، قالوا: ما نرَاه نزَل شيءٌ. فنزَلت: ﴿وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ (٣) [هود: ٨].

حدَّثنا أبو هشامٍ الرفاعيُّ، قال: ثنا يحيى بنُ يمانٍ، قال: ثنا سفيانُ، عن إسماعيلَ، عن أبي بكرِ بن حَفْصٍ، قال: لما نزَلت: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾. رفَعوا رُءوسَهم، فنزَلت: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا أبو بكرِ بنُ شعيبٍ، قال: سمِعتُ أبا صادقٍ (٥) يَقرَأُ: (يا عِبادِى أتَى أمرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوه).

وأولى القولَين في ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: هو تهديدٌ مِن اللَّهِ أهلَ الكفرِ به وبرسولِه، وإعلامٌ منه لهم قربَ العذابِ منهم والهلاكِ؛ وذلك أنه عَقَّب


(١) في م: "رجال". ورجل بفتح الراء وسكون الجيم اسم للجمع وقيل جمع. تاج العروس (ر ج ل).
(٢) سقط من: م.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٠ إلى المصنف وابن المنذر عن ابن جريج به.
(٤) أخرجه الخطيب في الموضح ٢/ ٤٢٢ من طريق يحيى بن يمان به بزيادة: "سيجاء به"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٠٩ إلى عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد، وابن أبي حاتم.
(٥) هو أبو صادق الأزدي الكوفي، من أزد شنوءة، روى عنه أبو بكر بن شعيب. ترجمته في تهذيب الكمال ٣٣/ ٤١٢، وينظر أيضًا ٩٦/ ٣٣.