للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾ (١).

وحدثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبَرني سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، عن محمدِ بنِ عجلانَ، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاءِ بنِ يسارٍ، قال: ويلٌ وادٍ في جهنمَ لو سُيِّرَتْ فيه الجبالُ لَامّاعت (٢) من شدةِ حَرِّه (٣).

فإن قال لنا قائلٌ: فما وجهُ قولِه (٤): ﴿لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾؟ وهل يكتبون (٥) بغيرِ اليدِ حتى احتاج المخاطَبون (٦) بهذه المخاطبةِ إلى أن يُخْبَروا عن هؤلاء القومِ الذين قَصَّ اللهُ تعالى ذكرُه قصتَهم أنهم كانوا يَكْتُبون الكتابَ بأيديهم؟

قيل له: إن الكِتابَ من بني آدمَ وإن كان منهم باليدِ، فإنه قد يضافُ الكتابُ إلى غيرِ كاتبِه وغيرِ المتولِّي رسمَ خَطِّه، فيقالُ: كتَب فلانٌ إلى فلانٍ بكذا. وإن كان المتولِّي كتابتَه (٧) غيرَ المضافِ إليه الكتابُ، إذا كان الكاتبُ كَتَبه بأمرِ المضافِ إليه الكتابُ، فأَعْلَم ربُّنا جلَّ ثناؤه بقولِه. ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ﴾. عبادَه المؤمنين أن أحبارَ اليهودِ تَلِي كتابةَ الكذبِ والفِرْيةِ على اللهِ بأيديهم على عِلْمٍ منهم وعَمْدٍ للكَذِبِ على اللهِ، ثم تَنْحَلُه (٨) إلى أنه من عندِ اللهِ وفي كتابِ اللهِ جلَّ


(١) تقدم تخريجه في ص ١٦٤.
(٢) في م: "لانماعت"، وأماع وانماع: ذاب وسال. اللسان (م ى ع).
(٣) ابن المبارك في الزهد (٣٣٢ - زوائده نعيم بن حماد)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (٣٢)، وابن أبي حاتم تفسيره ١/ ١٥٣ (٨٠٠)، والبيهقي في البعث والنشور (٥١٦)، من طريق سعيد بن أبي أيوب به.
(٤) سقط من: م.
(٥) في م: "تكون الكتابة".
(٦) في م: "المخاطب".
(٧) بعده في م: "بيده".
(٨) نحله القول ينحله: نسبه إليه. اللسان (ن ح ل).