للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لم يُنْسِ نبيَّه شيئًا (١) آتاه مِن العلمِ.

قال أبو جعفرٍ: وهذا قولٌ يَشهَدُ على بُطُولِه وفسادِه الأخبارُ المتظاهِرَةُ عن رسولِ اللهِ وأصحابِه بنحوِ الذى (٢) حدثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: حدثنا يزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، قال: حدثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: حدثنا أنسُ بنُ مالكٍ: إنَّ أولئكَ السَّبْعِين مِن الأنصارِ الذين قُتِلوا ببئرِ مَعُونةَ (٣) قرَأْنا بهم وفيهم كتابًا: (بَلِّغوا عنَّا قَوْمَنا أنَّا لَقِينا ربَّنا فرَضِىَ عنَّا وأرْضَانا). ثم إن ذلك رُفِعَ (٤).

فالذى ذُكِرَ (٥) عن أبى موسى الأشعَرىِّ أنهم كانوا يَقْرءون (٦): (لو أن لابنِ آدمَ واديين مِن مَالٍ لابتغى لهما ثالثًا، ولا يَمْلأُ جوفَ ابنِ آدمَ إلا الترابُ، ويَتوبُ اللهُ على مَن تابَ) (٧). ثم رُفِعَ.

وما أشْبَهَ ذلك مِن الأخبارِ التى يَطُولُ بإحْصائِها الكتابُ.

وغيرُ مستحيلٍ في فِطْرةِ ذِى عقلٍ صحيحٍ، ولا بحُجةِ خبرٍ، أن يُنْسِىَ اللهُ نبيَّه بعضَ ما قد كان أنزَله إليه، فإذا كان ذلك غيرَ مستحيلٍ مِن أحدِ هذين الوجهين، فغيرُ جائزٍ لقائلٍ أن يقولَ: ذلك غيرُ جائزٍ.

وأما قولُه: ﴿وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾. فإنه جل ثناؤُه لم يُخْبِرْه أنه لا يَذْهَبُ بشيءٍ منه، وإنما أخبرَه أنه لو يشاءُ لذَهَب بجَميعِه، فلم يَذْهَبْ


(١) بعده في م: "مما".
(٢) بعده في م: "قلنا".
(٣) بئر معونة: بين أرض بني عامر وحرَّة بني سليم. معجم البلدان ١/ ٤٣٥.
(٤) أخرجه البخارى (٤٠٩٠) من طريق يزيد به بنحوه.
(٥) فى م: "ذكرنا".
(٦) في الأصل: "يقولون".
(٧) أخرجه مسلم (١٠٥٠) بنحوه. وينظر مسند الطيالسى (٥٤١).