للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا﴾. قال: إن الله بعَث صالحًا إلى ثمودَ، فَدَعاهم فكَذَّبوه، فقال لهم ما ذَكَر اللهُ في القرآنِ، فسألوه أن يأتيَهم بآيةٍ، فجاءَهم بالناقةِ لها شِرْبٌ ولهم شِرْبُ يومٍ معلومٍ. وقال: ﴿فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ﴾. فأقرُّوا بها جميعًا، فذلك قولُه: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾ [فصلت: ١٧]. وكانوا قد أقرُّوا به على وجهِ النفاقِ والتَّقِيَّةِ، وكانت الناقةُ لها شِرْبٌ، فيومَ تشربُ فيه الماءَ، تمرُّ بينَ جَبلين، فيزْحَمانها (١). ففيهما أثرُها حتى الساعةِ، ثم تأتى فتقفُ لهم حتى يَحْلُبوا اللبنَ فيَرْوِيَهم، [إنما تصُبُّ صبًّا] (٢)، ويومَ يَشْرَبون الماءَ لا تَأْتِيهم، وكان معها فَصِيلٌ لها، فقال لهم صالحٌ: إنه يُولَدُ في شهرِكم هذا غلامٌ يكونُ هلاكُكم على يَدَيه. فوُلِدَ لتسعةٍ منهم في ذلك الشهرِ، فذبَحوا أبناءَهم، ثم وُلِدَ للعاشرِ فأبَى أن يذبحَ ابنَه، وكان لم يُولَدْ له قبلَ ذلك شيءٌ، فكان ابن (٣) العاشرِ أزرقَ أحمرَ، فَنَبَتَ نباتًا سريعًا، فإذا مَرَّ بالتسعةِ فرَأَوه، قالوا: لو كان أبناؤنا أحياءً كانوا مثلَ هذا. فغَضِبَ التسعةُ على صالحٍ؛ لأنَّه أمَرَهم بذبحِ أبنائِهم، فـ ﴿تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾ [النمل: ٤٩]. قالوا: نخرُجُ، فيَرى الناسُ أنَّا قد خرجنا إلى سفرٍ، فنأتى الغارَ فنكونُ فيه، حتى إذا كان الليلُ وخرَج صالحٌ إلى المسجدِ أَتَيناه فقَتَلْناه، ثم رَجَعنا إلى الغارِ فكُنَّا فيه، ثم رَجَعْنا فقلْنا: ﴿مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ﴾، يُصدِّقوننا، يَعْلمون أنَّا قد خَرَجنا إلى سفرٍ. فانْطَلَقوا، فلما دَخَلُوا الغارَ أرادوا أن يَخْرُجوا مِن الليلِ، فسَقَطَ عليهم


(١) في م: "فيرجمونها".
(٢) في م: "فكانت تصب اللبن صبا".
(٣) في الدر المنثور: "أبو".