للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغارُ فقتَلهم، فذلك قولُه: ﴿وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾. حتى بَلَغَ هاهنا: ﴿فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النمل: ٤٨ - ٥١].

وكَبِرَ الغلامُ ابن العاشرِ، ونَبَتَ نباتًا عَجَبًا مِن السرعةِ، فجلَس مع قومٍ يُصِيبون مِن الشَّرابِ، فأرادُوا ماءً يمْزُجون به شرابَهم، وكان ذلك اليومُ يومَ (١) شِرْبِ الناقةِ، فوجَدوا الماءَ قد شَرِبَته الناقةُ، فاشْتدَّ ذلك عليهم، وقالوا في شأنِ الناقةِ: ما نَصْنعُ نحنُ باللبنِ! لو كُنَّا نأخُذُ هذا الماءَ الذي تشرَبُه هذه الناقةُ فَنَسْقِيَه أنعامَنا وحُرُوثَنا كان خيرًا لنا، فقال الغلامُ ابن العاشرِ: هل لكم في أن أعْقِرَها لكم؟ قالوا: نعم. فأظْهَرُوا دينَهم، فأتاها الغلامُ، فلما بَصُرت به، شَدَّتْ عليه، فهرَب منها، فلما رأَى ذلك، دخَل خلفَ صخرةٍ على طريقِها، فاسْتَتَر بها، فقال: [أحِيشُوها عليَّ. فَأَحَاشُوها] (٢) عليه، فلما جازَت به نادَوْه: عليك. فَتَناوَلها فعَقَرها، فسَقَطَت، فذلك قولُه: ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ﴾ [القمر: ٢٩]. وأظْهَروا حينَئذٍ أمرَهم، وعَقَروا الناقةَ، وعَتَوا عن أمرِ ربِّهم، وقالوا: يا صالحُ ائْتِنا بما تَعِدُنا. وفَزِعَ ناسٌ منهم إلى صالحٍ، وأَخْبَروه أن الناقةَ قد عُقِرَت، فقال: عليَّ بالفَصِيلِ. فطَلَبوا الفَصِيلَ، فوَجَدوه على رَابيةٍ مِن الأرضِ فطَلَبوه، فارْتَفَعت به حتى حَلَّقَت به في السماءِ فلم يَقْدِروا عليه. ثم رغَا (٣) الفصيلُ إلى اللهِ، فأوحَى اللهُ إلى صالحٍ: أنْ مُرْهم فليَتَمتَّعوا في دارهمِ ثلاثةَ أيامٍ. فقال لهم صالحٌ: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ﴾ [هود: ٦٥]. وآيةُ


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) في النسخ: "أجيشوها على فأجاشوها" وأحشته إذا نفرته نحوه وسقته إليه وجمعته عليه. اللسان (ح و ش).
(٣) في النسخ: "دعا" والرُّغاء: صوت الإبل. النهاية ٢/ ٢٤٠.