للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أن تُصبح وجوهكم [أولَ يومٍ] (١) مُصْفَرَّةً، والثانِيَ مُحمرَّةً، واليومَ الثالثَ مسودَّةً، واليومُ الرابعُ فيه العذابُ. فلما رَأَوا العلاماتِ تَكَفَّنوا وتَحَنَّطوا ولَطَّخوا أنفسَهم بالمُرِّ (٢)، ولَبِسوا الأنْطاعَ (٣)، وحَفَروا الأسْرابَ، فَدَخَلُوا فيها يَنْتظِرون الصيحةَ، حتى جاءَهم العذابُ فهَلَكوا. فذلك قولُه: فـ ﴿دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٤) [النمل: ٥١].

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، قال: لمَّا أهْلَك اللهُ عادًا وتَقَضَّى أمرُها، عَمِرتْ ثمودُ بعدَها، واسْتُخْلِفوا في الأرضِ، فنزَلوا فيها وانْتَشَروا، ثم عَتَوْا على اللَّهِ. فلما ظهَر فسادُهم وعبَدُوا غيرَ اللهِ، بعَث إليهم صالحًا - وكانوا قومًا عَرَبًا، وهو (٥) مِن أوسطِهم نسبًا وأفضلِهم موضعًا - رسولًا، وكانت منازلُهم الحِجْرَ إلى قُرْحٍ، وهو وادى القرى، وبينَ ذلك ثمانيةَ عشَرَ ميلًا، فيما بينَ الحجازِ والشامِ، فبعَث اللهُ إليهم غلامًا شابًّا، فَدَعاهم إلى اللَّهِ، حتى شَمِطَ وَكَبِرَ، لا يتبعُه منهم إلا قليلٌ مُسْتَضْعَفون فلما ألحَّ عليهم صالحٌ بالدعاءِ، وأكثَر لهم التحذيرَ، وخَوَّفَهم مِن اللهِ العذابَ والنِّقْمةَ، سألوه أن يُرِيَهم آيةً تكونُ مِصْداقًا لِما يقولُ فيما يَدْعوهم إليه، فقال لهم: أيَّ آيةٍ تُريدون؟ قالوا: تخرُجُ معنا إلى عيدِنا هذا - وكان لهم عيدٌ يخرُجون إليه بأصنامِهم وما يَعْبدون مِن دونِ اللهِ في يومٍ معلومٍ مِن السنةِ - فتَدْعُو إِلهَك ونَدْعُو آلهتَنا، فإنِ اسْتُجِيبَ لك اتَّبَعْناك، وإن اسْتُجِيبَ لنا اتَّبَعْتَنا. فقال


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) المرّ: صمغ شجر وهو دواء. الوسيط (م ر ر).
(٣) النطع: بساط من الجلد. الوسيط (ن ط ع).
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٢ (٨٦٦٤، ٨٦٦٨) من طريق أحمد بن مفضل به ببعضه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٩ إلى أبي الشيخ ببعضه.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "وهم".