للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم صالحٌ: نعم. فخَرَجوا بأوثانِهم إلى عيدِهم ذلك، وخرَج صالحٌ معهم إلى اللهِ، فدعَوْا أوثانَهم وسألوها ألا يُستجاب لصالحٍ في شيءٍ مما يَدْعو به، ثم قال له جُنْدَعُ بنُ عمرِو (١) بن جَوَّاسِ (٢) بن عمرِو بن الدُّمَيْلِ، وكان يومَئذٍ سيدَ ثمودَ وعظيمَهم: يا صالحُ، أخرِجْ لنا مِن هذه الصَّخرةِ - [لصخرةٍ منفردةٍ في ناحيةِ الحِجْرِ يقالُ لها: الكاثِيةُ] (٣) - ناقةً مخترجةً جَوْفاءَ وَبْراءَ - والْمُخترجَةُ: ما شاكَلَت البُخْتَ مِن الإبلِ - وقالت ثمودُ لصالحٍ مثلَ ما قال جُنْدَعُ بنُ عمرٍو (١)، فإن فعلتَ آمَنَّا بك وصَدَّقْناك، وشَهِدنا أن ما جئتَ به هو الحقُّ، وأخَذ عليهم صالحٌ مواثيقَهم، لئن فعلتُ وفَعَلَ اللَّهُ لتصدِّقُنِّى ولتؤمنُنَّ بي؟ قالوا: نعم. فأعْطَوْه على ذلك عهودَهم، فَدَعا صالحٌ ربَّه بأن يُخرِجَها لهم مِن تلك الهَضْبةِ كما وصَفوا (٤).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن يعقوبَ بن عتبةَ بن المغيرةِ بن الأخْنسِ، أنه حَدَّثَ أنهم نَظَروا إلى الهَضْبةِ حينَ دعا الله صالحٌ بما دعا به، تَمخَّضُ (٥) بالناقةِ تَمخُّضَ النَّتُوجِ (٦) بولدِها، فتَحَرَّكت الهضْبةُ، ثم [انتَفَضَت بالناقةِ] (٧)، فانصَدَعَت عن ناقةٍ، كما وصَفوا، جوفاءَ وَبْراءَ نَتُوجًا، ما بينَ جَنْبَيها لا يعلَمُه إِلا اللَّهُ عِظَمًا، فَآمَنَ به جُنْدَعُ بنُ عمرٍو، ومَن كان معه على أمرِه مِن رَهْطِه، وأراد أشرافُ ثمودَ أن يُؤمنوا به ويُصَدِّقوا، فنَهاهم ذُؤَابُ بن عمرِو بن لبيدٍ، والحبابُ


(١) في م: "عمرد"، وينظر البداية والنهاية ١/ ٣١١.
(٢) في النسخ: "حراش"، وينظر المصدر السابق.
(٣) وردت هذه العبارة في النسخ بعد جملة "جندع بن عمرو" الآتية.
(٤) في م: "وصفت".
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٢ (٨٦٦٥) من طريق سلمة به ببعضه.
(٥) في م، ت ١، ف: "تتمخض".
(٦) النَّتوج: الحامل من الدواب. تاج العروس (ن ت ج).
(٧) في، م، ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أسقطت الناقة"، والمثبت من مصدرى التخريج.