للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبُ أوثانِهم، وربابُ (١) بنُ صَمْعَرِ بن جَلْهِسٍ، وكانوا مِن أشرافِ ثمودَ، فرَدُّوا أشرافَها عن الإسلامِ، والدخولِ فيما دَعاهم إليه صالحٌ مِن الرحمةِ والنجاةِ، وكان لجُنْدَعٍ ابن عمٍّ يقال له: شهابُ بنُ خليفةَ بن مخلاةَ بن لبيدِ بن جَوَّاسٍ. فأرادَ أن يُسْلِمَ، فَنَهاه أولئك الرهطُ عن ذلك فأطاعَهم، وكان من أشرافِ ثمودَ وأفاضلِها، فقال رجلٌ مِن ثمودَ يقال له: مهْرَشُ (٢) بنُ غَنْمةَ بن الدُّمَيلِ، وكان مسلمًا:

وكانت عُصْبَةٌ مِن آلِ عمرٍو … إلى دِينِ النبيِّ دَعَوْا شِهَابَا

عزيزَ ثمودَ كُلِّهِمُ جميعًا … فَهَمَّ بأَنْ يُجِيبَ وَلَوْ أَجَابا

لأصْبَحَ صالحٌ فِينا عزيزًا … وما عَدَلوا بصاحبِهم ذُؤَابًا

وَلكنَّ الغُواةَ مِنَ آلِ حُجْرٍ … تَوَلَّوْا بَعدَ رُشْدِهِمُ ذِئابَا

فمَكَثَت الناقةُ التي أخرَجها اللهُ لهم، معها سَقْبُها (٣)، في أرضِ ثمودَ تَرْعَى الشجرَ، وتشربُ الماءَ، فقال لهم صالحٌ : ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾. وقال اللهُ لصالحٍ: ﴿أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾ [القمر: ٢٨]. أي: أن الماءَ نصفان، لهم يومٌ ولها يومٌ، وهى محتضَرةٌ، فيومُها لا تدعُ شربَها، وقال: ﴿لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعرا: ١٥٥]. فكانت، فيما بلَغنى واللهُ أعلمُ، إذا ورَدت، وكانت تَرِدُ غِبًّا، وَضَعَت رأسها في بئرٍ في الحِجْرِ، يقالُ لها: بئرُ الناقةِ. فيَزْعُمون أنها منها كانت تشربُ إذا ورَدت، تضعُ رأسها فيها، فما تَرْفَعُه حتى تشربَ كلَّ قطرةِ ماءٍ في الوادى، ثم ترفعُ رأسَها فتفشَّحُ (٤)، يعني:


(١) في م: "رياب" وينظر البداية والنهاية.
(٢) في النسخ: "مهوس" والمثبت من البداية والنهاية، وفى مخطوطة من مخطوطات تفسير ابن كثير: "مهوش" ولعلها أن تكون مهرش وقرئت خطأ.
(٣) في ف: "سقيها" والسَّقْب: ولد الناقة. تاج العروس (س ق ب).
(٤) في ص، م، ت ٢: "فتفسح"، وفى ت ١: "فيفسح"، وفى س: "فتفشخ"، وفشَح، وفشَج: إذا فرَّج ما بين رجليه. تاج العروس (ف ش ح، ف ش ج).