للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَفَحَّجُ (١) لهم، فيَحْتَلِبون ما شاءوا مِن لبنٍ، فيَشْرَبون ويَدَّخِرون، حتى يَمْلَئوا كلَّ آنيتِهم، ثم تصدرُ مِن غيرِ الفجِّ الذي منه وردت، لا تقدِرُ على أن تَصْدُرَ مِن حيثُ تَرِدُ؛ يَضِيقُ (٢) عنها، فلا ترجِعُ منه، حتى إذا كان الغدُ كان يومَهم، فيَشْرَبون ما شاءوا مِن الماءِ، ويَدَّخِرون ما شاءوا ليومِ الناقةِ، فهم مِن ذلك في سَعَةٍ، وكانت الناقةُ، فيما يَذْكُرون، تَصِيفُ، إذا كان الحرُّ (٣)، ظَهْرَ (٤) الوادى، فتهرُبُ منها المواشى؛ أغنامُهم وأبقارُهم وإبلُهم، فتهبِطُ إلى بطنِ الوادي في حرِّه وجَدْبِه؛ وذلك أن المواشىَ تَنْفِرُ منها إذا رَأَتْها، وتَشْتُو بطنَ الوادى إذا كان الشتاءُ، فتهرُبُ مواشِيهم إلى ظَهْرِ الوادى في البردِ والجَدْبِ، فأضَرَّ ذلك بمواشيهم؛ للبلاءِ والاختبارِ، وكانت مَراتِعُها، فيما يَزْعُمون، [الجَنَابَ وحِسْمَى] (٥)، كلُّ ذلك تَرْعى مع وادى الحِجْرِ، فكَبُرَ (٦) ذلك عليهم، فعتَوا عن أمرِ ربِّهم، وأجْمَعوا في عَقْرِ الناقةِ رأيَهم.

وكانت امرأةٌ مِن ثمودَ يقالُ لها: عُنَيزَةُ بنتُ غُنْمِ بن مِجْلَرٍ. تُكْنَى بِأُمِّ غُنْمٍ (٧)، وهي مِن بني عبيدِ بن المهلِ أخى زُمَيلِ (٨) بن المهلِ، وكانت امرأةَ ذُؤاب بن عمرٍو، وكانت عجوزًا مُسِنَّةً، وكانت ذات بناتٍ حسانٍ، وكانت ذاتَ مالٍ مِن إبلٍ وبقرٍ وغنَمٍ، وامرأةٌ أخرى يقال لها: صَدُوفُ (٩) بنتُ المحيَّا بن زهيرِ (١٠) بن المحيَّا


(١) تَفَحَّج: مثل تفشح، وتفشج. وينظر التاج (ف ح ج).
(٢) في م: "لضيقه"، وفي ت ١: "تضيق".
(٣) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٤) في م: "بظهر".
(٥) الجَنَاب: موضع بعراض خيبر وسَلاح ووادى القرى. والحِسْمَى: أرض ببادية الشام بينها وبين وادى القرى ليلتان. معجم البلدان ٢/ ١٢٠، ٢١٧.
(٦) في ص، ت ١، س، ف: "فيكثر".
(٧) في البداية والنهاية: "عثمان".
(٨) في م: "دميل".
(٩) في عرائس المجالس: "صدوق".
(١٠) في ص: "هو"، وفى ف: "هز".