للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، في قولِه: (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجبالُ): قال ذلك حِينَ دَعَوْا للهِ وَلَدًا، وقال في آيةٍ أخرى: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا﴾ (١) [مريم: ٩٠، ٩١].

حُدِّثت عن الحسينِ، قال: سمِعت أبا معاذٍ يقولُ: أخبَرنا عُبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعت الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾: في حرفِ ابن مسعودٍ: (وإنْ كادَ (٢) مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجبال)، هو مثلُ قولِه: ﴿تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا﴾.

واختلَفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قرأةِ الحجازِ والمدينةِ والعراقِ ما خلا الكسِائيَّ: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ﴾، بكسرِ اللامِ الأولى وفتحِ الثانيةِ (٣). بمعنى: وما كان مكرُهم لِتَزُولَ منه الجبالُ. وقرَأه الكسائيُّ: (وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجبالُ) بفتحِ اللامِ الأولى ورفعِ الثانيةِ، على تأويلِ قراءةِ مَن قرَأ ذلك: (وإنْ كادَ (٢) مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجبال) من المتقدمين الذين ذكرتُ أقوالَهم، بمعنى: اشتدَّ مكرُهم حتى زالت منه الجبالُ، أو كادت تزولُ منه، وكان الكسائيُّ يُحدِّثُ عن حمزةَ، عن شبلٍ، عن مجاهدٍ، أنه كان يقرَأُ ذلك على مثل قراءتِه (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لَتَزُولُ مِنْهُ الجِبالُ) برفعِ "تزولُ".

حدَّثني بذلك الحارثُ، عن القاسمِ، عنه.

والصوابُ من القراءةِ عندَنا قراءةُ مَن قرَأه: ﴿وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٣٤٣ عن معمر به.
(٢) في ص، ف: "كان". وينظر ما تقدم في ص ٧١٨.
(٣) ينظر السبعة ص ٣٦٣، وحجة القراءات ص ٣٧٩.