للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسنُ في قولِه: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾. قال: سبيلَ الخيرِ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾. قال: هداه للإسلامِ [والدِّينِ] (٢)، يسَّره له وأعلَمه به، والسبيلُ سبيلُ الإسلامِ (٣).

وأولى التأويلين في ذلك عندى بالصوابِ قولُ مَن قال: ثم [لطريقِ الخروجِ] (٤) مِن بطنِ أمِّه يسَّره.

وإنما قلنا: ذلك أولى التأويلين بالصوابِ؛ لأنه أشبهُهما بظاهرِ الآيةِ، وذلك أنَّ الخبرَ مِن اللَّهِ قبلها وبعدَها عن صفةِ خلْقِه، وتدبيرِه جسمَه، وتصريفِه إيَّاه في الأحوالِ، فالأولى أنْ يكونَ أوسطُ ذلك نظيرَ ما قبلَه وبعدَه.

وقولُه: ﴿ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ﴾. يقولُ: ثم قبَض رُوحَه، فأماته بعدَ ذلك. يعنى بقولِه: ﴿فَأَقْبَرَهُ﴾: صيَّره ذا قبرٍ. والقابرُ هو الدافِنُ الميتَ بيدِه، كما قال الأعشى (٥):

لو أَسْنَدتْ مَيْتًا إلى نحْرِها … عاش ولم يُنْقَل إلى قابِرِ

والمُقْبِرُ هو اللَّهِ الذي أمَر عبادَه أنْ يُقْبِرُوه بعدَ وفاتِه، فصيَّره ذا قبرٍ. والعربُ تقولُ فيما ذُكر لي: بَتَرْتُ ذَنَبَ البعير، واللهُ أبْتَره، وعَضَبْتُ قَرْنَ الثور، واللهُ أَعْضَبه، وطردتُ عنى فلانًا، اللهُ أطْرَده: صيَّره طرِيدًا.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٤٨ عن معمر به.
(٢) في ص، ت ٢: "والذين"، وفى م: "الذي"، وسقط من: ت ١.
(٣) ذكرُه ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٤٥.
(٤) في م: "الطريق وهو الخروج".
(٥) ديوانه ص ١٣٩.