للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.

واخْتَلفت القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قَرَأَةِ أهلِ (١) العراقِ: ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً﴾ بنصبِ الحسنةِ، بمعنى: وإن تكُ زِنَةُ الذرَّةِ حسنةً يُضَاعِفُها. وقرَأ ذلك عامَّةُ قَرَأَةِ أهلِ (٢) المدينةِ: (وَإِنْ تَكُ حسنةٌ) برفعِ الحسنةِ، بمعنى: وإن تُوجَدْ حسنةٌ (٣)، على ما ذكَرتُ عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ مِن تأويلِ ذلك.

وأمَّا قولُه: ﴿يُضَاعِفْهَا﴾، فإنه جاء بالألفِ، ولم يقلْ: "يُضَعِّفْها". لأنه أُرِيد به - في قولِ بعضِ أهلِ العربيةِ -: يُضَاعِفُها أضعافًا كثيرةً؛ ولو أُرِيد به في قولِه: يُضَعِّف ذلك ضِعْفين لقيلَ: "يُضَعِّفْها" بالتشديدِ (٤).

ثم اخْتَلف أهلُ التأويلِ في الذين وعَدهم اللهُ بهذه الآيةِ ما وعَدهم فيها؛ فقال بعضُهم: هم جميعُ أهلِ الإيمانِ باللهِ وبمحمدٍ .

واعتلُّوا في ذلك بما حدَّثنا به الفضلُ بنُ الصَّبَّاحِ، قال: ثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن مُبارَكِ بن فَضَالةَ، عن عليّ بن زيدٍ، عن أبي عثمانَ النَّهْدَيِّ، قال: لقِيتُ أبا هريرةَ فقلتُ له: إنه بلَغنى أنك تقولُ: إن الحسنةَ لتُضَاعَفُ ألفَ ألفِ حسنةٍ! قال: وما أعْجَبَك من ذلك؟ فواللهِ، لقد سمِعتُه - يعنى النبيَّ - يقولُ: "إن الله


(١) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) سقط من: ص، م، ت ٢، ت ٣.
(٣) قرأ بالنصب أبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي، وقرأ بالرفع نافع وابن كثير. السبعة لابن مجاهد ص ٢٣٣، وحجة القراءات ص ٢٠٣.
(٤) لم يشر المصنف إلى أن (يضعِّفْها) بالتشديد قراءة معتبرة عند أهل الأداء، وهى قراءة ابن كثير وابن عامر. وقراءة الباقين؛ وهم نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي بالألف. حجة القراءات ٢٠٣.