للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾، [قال: أدخِلوه (١) الجنةَ] (٢). وإن كان عبدًا شقيًّا قال الملَكُ: ربِّ، فنِيت حسناتُه، وبقِى طالبون (٣) كثيرٌ. فيقولُ: خُذوا مِن سيئاتِهم، فأَضِيفوها إلى سيئاتِه، ثم صُكُّوا له صَكًّا إلى النارِ (٤).

قال أبو جعفرٍ: فتأويلُ الآيةِ على تأويلِ عبدِ اللهِ هذا: إن الله لا يَظْلِمُ عبدًا وجَب له مثقالُ ذرّةٍ قِبَلَ عبدٍ له آخرَ في معادِه ويومَ لقائِه فما فوقه، فَيَتْرُكَه عليه فلا يَأْخُذَه للمظلومِ مِن ظاِلمِه، ولكنه يَأْخُذُه منه له، ويَأْخُذُ مِن كُلِّ ظالمٍ للمظلومِ (٥) تَبِعَتَه قِبَلَه، ﴿وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا﴾. يقولُ: وإن تُوجَدْ (٦) له حسنةٌ [بعدَ ذلك] (٧) يُضَاعِفُها، بمعنى: يُضَاعِفُ له ثوابَها وأجرَها، ﴿وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. يقولُ: ويُعْطِه مِن عندِه أجرًا عظيمًا، والأجرُ العظيمُ الجنةُ، على ما قاله عبدُ اللهِ.

ولكلا التأويلينِ وجهٌ مفهومٌ، أعنى التأويلَ الذي قاله ابن مسعودٍ، والذي قاله قتادةُ، وإنما اخترنا التأويلَ الأولَ لموافقتِه الأثرَ عن رسولِ اللهِ ﷺ، مع دلالةِ ظاهرِ التنزيلِ على صحَّتِه، إذ كان في سياقِ الآيةِ التي قبلَها، التي حثَّ اللهُ جلَّ ثناؤُه فيها على النفقةِ في طاعتِه، وذمَّ النفقةَ في طاعةِ الشيطانِ. ثم وصَل (٨) ذلك بما وعَد المُنفقينَ (٩) في طاعتِه بقولِه: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً


(١) في ص: "ادخلوا".
(٢) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.
(٣) في الأصل: "مطالبون".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٥٤ (٥٣٣٥) من طريق هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب عن زاذان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٦٣ إلى عبد بن حميد.
(٥) في ص، م: "لكل مظلوم".
(٦) في الأصل: "وجد".
(٧) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٨) في الأصل: "فصل".
(٩) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المنافقين".