السخية .. لم يحدثه عن الإسلام جعل أخلاق الإسلام تتحدث إليه .. تغطيه وتدفئه وتحنو عليه .. جعل أخلاق الإسلام تقله وتظلله حتى ذهل عن كل شيء سوى الإسلام .. استحضر دفاتره وحسابات عمره وأحصى ماله وما عليه فرأى بقلبه الذي ولد اليوم على يد أبي بكر أشياء جميلة ورائعة تمر بين يديه وهو غافل عنها .. رأى بذلك القلب كم هي المسافة بينه وبن هؤلاء القوم الذي يتولى بنفسه إرشادهم إلى دربهم .. هي المسافة بين من يحلق في الأجواء وبين من ينحشر في الجحور .. رايات سوداء لكن القلوب بيضاء ترفرف في سعادة غامرة .. لا خمر لا سباب لا بغضاء ولا عداوة .. نظافة وطهارة وانتظام وصلاة وحب لا مثيل له .. أما هو فسطو وقتل ونهب وغدر وخمر وفر وحياة أذل من حياة حيوان تطارده كل وحوش الأرض ..
تلك هي حال رافع الطائي وهو يرافق جيش الإسلام حتى اقتربوا من جيش المشركين عندها بدأت ملامح الدهشة تحدق بعمرو بن العاص الذي بدأ يتصرف بغرابة أثارت الكثير من الجيش مما حدا بعمر بن الخطاب إلى التوجه نحو عمرو بن العاص ليطالبه بتفسير مقنع أو ليوقفه عند حد يراه عمر ومن معه رضي الله عنهم .. يقول أحد الصحابة: "بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو أن لا ينوروا نارًا فغضب عمر وهم أن ينال منه [قال عمر لأبي بكر لِمَ لَمْ يَدَعْ عمرو الناس أن يوقدوا نارًا؟ ألا ترى إلى هذا الذي منع الناس منافعهم؟ فقال أبو بكر دعه قائمًا ولاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علينا] فنهاه أبو بكر رضي الله عنه وأخبره أنه لم يستعمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليك إلا لعلمه