تخبو ساعة .. وكانت لأبي ضيعة (١) عظيمة ... فشغل في بنيانٍ له يومًا فقال لي:
يا بني إني قد شغلت في بنياني هذا اليوم عن ضيعتي .. فاذهب إليها فاطَّلعها .. وأمرني فيها ببعض ما يريد .. ثم قال لي: ولا تحتبس عني فإنك إن احتبست عني كنت أهم إلى من ضيعتي وشغلتني عن كل شيء من أمري ..
فخرجت أريد ضيعته التي بعثني إليها .. فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون .. وكنت لا أدري ما أمر الناس -لحبس أبي إياي في بيته- فلما سمعت أصواتهم دخلت عليهم انظر ما يصنعون، فلما رأيتهم أعجبتني صلاتهم ورغبت في أمرهم .. وقلت: هذا والله خير من الدين الذي نحن عليه .. فوالله ما برحتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبي فلم آتها .. ثم قلت لهم:
أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام ..
فرجعت إلى أبي وقد بعث في طلبي وشغلته عن أمره كله .. فلما جئت قال: أي بني .. أين كنت؟ ألم أكن أعهد إليك ما عهدته؟ .. قلت: يا أبت مررت بأناس يصلون في كنيسة لهم .. فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس .. قال: أي بني ... ليس في ذلك الدين خير .. دينك ودين آبائك خير منه .. قلت:
كلا والله إنه لخير من ديننا .. فخافنى فجعل في رجلى قيدًا ثم حبسني في بيته ..