الحمد للَّه رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن علم القواعد الفقهية من أهم العلوم للفقيه، تضبط له المسائل، وتجمع شتاتها، وتقرب بعيدها، وهي كالميزان للمسائل، تعرض عليه، وتوزن به. فعندما تعرض المسألة على القاضي أو المفتي، يعرضها على هذه القواعد، ويطبقها عليها، ويعرف حكمها بها. ولذا فقد اعتنى الفقهاء -رحمهم اللَّه- بهذا العلم، وخصوه بالتأليف، ومما أُلّف فيه قواعد ابن رجب رحمه اللَّه، المسمى: تقرير القواعد وتحرير الفوائد، وقد تناولها العلماء وطلاب العلم بالتحقيق، والدراسة، والتدريس.
ومن هؤلاء فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه اللَّه- بكتابه (تحفة أهل الطلب في تجريد أصول قواعد ابن رجب) الذي حققه وعلق عليه فضيلة الدكتور خالد بن علي المشيقح، الأستاذ بقسم الفقه بفرع جامعة الإمام بالقصيم سابقًا، وعضو هيئة التدريس بجامعة القصيم بعد ذلك.
وكان من فضل اللَّه أن اشتركت في دراسته مع بعض الزملاء الأفاضل، وقد بدا لنا أثناء هذه الدراسة أن الكتاب بحاجة إلى شرح يوضح ما تتضمنه كل قاعدة من القواعد الجزئية، والتمثيل لها بما يوضحها؛ حيث إن ابن رجب -رحمه اللَّه- كثيرًا ما يورد القاعدة بصيغة الاستفهام، ويجمع عددًا من القواعد تحت القاعدة الواحدة ثم يسوق جملة من الفروع دون أن يربطها بما تتعلق به من جزئياتها، أو يبين وجه ارتباطها بها، كما سيتبين ذلك -إن شاء اللَّه- من هذا الشرح.