لو جاز أنْ يَسكُتَ ألْفًا ولا ... يَنطِق خُلْفًا كان أولَى بهِ
فَرْضُ الجوابِ اضْطَرَّهُ صاغرًا ... أنْ يدَّعي ما ليس مِنْ بابِهِ
أردتُمُ من فضلِكُمْ أن تَرَوْا ... مُعَيْدِيًا في فَضلِ أثوابِهِ
فهاكُمُ عُنوانُهُ مُعرِبٌ ... عن فَهَهٍ بانَّ بإعرابِهِ
لو سكتَ المِسكينُ يا وَيْحَهُ ... أغْرَى بمنْ كان منَ احبابِهِ
قال أبو الحَسَن بنُ مؤمن: سألتُه يومًا وأنا حديثُ السِّن -أرى ذلك في سنة أربعينَ وخمس مئة- فقلتُ له: يا سيّدي، ما طِبُّ الهوى؟ فقال بديهةً: اليأسُ؛ قال أبو الحَسَن: فاعتَبرْتُ قولَه من حينئذٍ، فلم أرَ كلمةً أجمَعَ ولا أخصَرَ ولا أحجَّ في جوابِ ما سألتُه عنه منها. وقال أبو الصَّبر: كان من الذين (١) إذا رُئيوا ذُكِرَ الله.
وكان عالماً أديبًا شاعرًا، ديِّنًا فاضلًا، زاهدًا متواضعًا؛ إذا رأيتَه وعَظَك بحالِه وهُو صامتٌ مما غَلَب عليه من الحضورِ والمراقبة لله تعالى، قد جمَعَ اللهُ له محاسنَ جمّةً من العلوم والمعارفِ والآداب، وخصوصًا علمَ الحقائق والرِّياضات وعلومَ المعاملاتِ والمقامات والأحوال السَّنية والآدابَ السُّنِّية.
وكان من المحدِّثين، قيَّد في الحديث رواياتٍ كثيرة، ولقِيَ من المشايخ الجِلّة جملةً، غيرَ أنه كان يغلِبُ عليه المراقبةُ لله والتأهُّبُ للقائه وحُسنُ الرِّعاية والإقبال