للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتعرَّفتُ منهما خيرًا وفضلًا وذكاءً ونُبلًا، وكانت سعيدةً تنسَخُ الكُتُب نافذةً فيما تكتبه أو تُخاطِبُ به، وتزوَّجت.

٢٦٣ - سيِّدةُ (١) بنت عبد الغنيِّ بن عليّ بن عثمانَ العَبْدريِّ، غَرْناطيّةٌ، أُمُّ العلاء.

تخَلَّفَها أبوها يتيمةً صغيرةً فنشأتْ بمُرسِيةَ وتعلَّمتِ القرآنَ وبرَعَت وجاد خَطّها، وعلَّمت في ديارِ الملوك عُمُرَها كلَّه إلى أن أقعدَتْها عَن ذلك زَمانةٌ ألزمَتْها منزلَها نيّفًا على ثلاثةِ أعوام، فخلَفَها على التعليم بنتانِ لها، وكانت قد لقِيَت أبا زكريّا الدِّمشْقيَّ (٢) بغَرناطةَ، وبها علَّمت [القرآنَ أولَ ما نزَعَتْ لذلك، ثم انتَقلت] إلى فاسَ ثم عادت إلى غَرْناطة، ولحِقَت بتونُس فعلَّمت بقَصْر [ملكِها، ونَسَخت "إحياءَ علوم الدِّين" من أصلِه] (٣).

ولم تزَلْ قائمةً على التلاوة محافظةً على الأدعيةِ [والأذكار والسَّعي] في الخَيْرات والتوفُّر على أعمالِ البِرّ والإيثار بما تملِكُ وفكِّ الرِّقاب من الأسر [وغيرِ ذلك من أعمالِ البِرِّ] المذكورة، وتوفّيت على تلك الحالِ عَصْرَ يوم الثلاثاءِ لخمسٍ خَلَوْنَ من محرَّم سبع [وأربعينَ] وست مئة، ودُفنت لصلاة الظّهر من يوم الأربعاءِ بعدَه بمقرُبة من المصَلَّى خارجَ تونُس.


(١) ترجمها ابن الأبار في التكملة (٣٦١٠)، والذهبي في المستملح (٩٣٣) وتاريخ الإسلام ١٤/ ٥٧٩، وابن القاضي في جذوة الاقتباس ٢/ ٥٢١، وترجمة والدها عبد الغني في التكملة (٢٥٧٤).
(٢) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (١٩٧).
(٣) يفهم من هذا أن الأصل الذي نسخت منه هو لملك تونس، وفي التكملة: "وكانت قد لقيت أبا زكريا الدمشقي بغرناطة، وبها علمت القرآن أول ما نزعت لذلك ثم انتقلت إلى مدينة فاس ثم عادت إلى غرناطة ولحقت بتونس فعلمت بقصرها أيضًا، وكتبت بخطها كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد من أصل أبي زكريا المذكور" وأبو زكريا المذكور هو الدمشقي، وهو الصواب، فعبارة المؤلف ملبسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>