للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنُه أبو الحُسَين، وكان كاتبًا بليغًا، شاعرًا محسِنًا، من أهل النَّباهة وسَراوةِ النَّفْس، ومن شعرِه قولُه [مجزوء الكامل]:

لاتكترِثْ لِمُلِمَّة ... واصبِر وفي الله العِوَضْ

وإذا سَلِمتَ فلا يكنْ ... لك في حُطامِك من غَرضْ

فالنفْسُ عندي جوهرٌ ... والمالُ عندي كالعَرَضْ

وكان سببُ نَظْمِه هذه الأبياتَ أنّ الرئيسَ أبا عبد الملِك (١) بن مروان بن عبد العزيز لمّا صارت إليه رِياسةُ بَلَنْسِيَة وتدبيرُ أمرِها عند انقراض دولة اللَّمتُونيِّينَ منها استَوْزَرَ أبا جعفر، ثم لمّا خُلع (٢) أبو مروانَ امتُحِن أبو جعفرٍ بقَبْضِ الجُنْد عليه واعتقالهِم إيّاه حتى فَدَى منهم نفْسَه بمال جَسِيم (٣)، وانتقلَ إلى شاطِبةَ فاستَوْطَنَها إلى أن توفِّي سنة اثنتينِ وخمسينَ وخمس مئة.

٩١ - أحمدُ بن جُرْج، قُرطُبيٌّ، أبو جعفر.

أخَذ ببلده عن أهلِ وقتِه، وكان من بيتِ علم وجَلالة، أديبًا شاعرًا سريعَ البديهة. قال الأديبُ أبو بكرٍ يحيى الأرْكُشي: كنتُ يومًا على حمار، إذ لقِيتُ الوزيرَ أبا جعفر بن جُرْج فقلتُ له [طويل]:

حِمارِيَ مَروانٌ (٤) لكلِّ حمارِ ... لَهُ شَرَفٌ بادٍ وفَضْلُ نِجارِ


(١) كذا في الأصل، وسيكنيه فيما بعد: أبا مروان، وهو في التكملة والمغرب: أبو عبد الملك مروان بن عبد العزيز، وفي أعمال الأعلام: أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز، واسمه الكامل كما في الحلة السيراء: أبو عبد الملك مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد بن مروان بن عبد العزيز. انظر ترجمته وأخباره في الحلة السيراء ٢/ ٢١٨، والمغرب ٢/ ٣٠٠ - ٣٠١ (وكان حقها أن تفرد بعنوان) وأعمال الأعلام (٢٥٦).
(٢) كان خلعه سنة ٥٤٠ هـ.
(٣) جاء في الحلة السيراء: "وقبض أهل الثغر على أبي جعفر أحمد بن جبير - وهو والد أبي الحسين الزاهد - واحتملوه مقيداً إلى حصن مُطرنيش، وهو من أمنع معاقل بلنسية، وسجن فيه إلى أن فَدَى نفسه بثلاثة آلاف دينار، إلى ما نُهب له من دفاتر وذخائر" (٢/ ٢٢٣ - ٢٢٤).
(٤) يشير إلى مروان الحمار آخر ملوك بني أمية، ولقب بالحمار لجلده.

<<  <  ج: ص:  >  >>