للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومئتَيْن، أشار به يحيى بنُ يحيى على الأمير عبد الرّحمن، وكان قد خَبِرَه يحيى وامتَحَنَه أيامَ ترَدُّدِه للتجارة إلى إلبِيرَةَ، فتَولَّى القضاءَ جميلَ المذهب محمودَ السِّيرة. وكان حَسَنَ السَّمتِ والهيئة، كان الناسُ [٨٠ أ] يُثْنُونَ عليه ويُجمِّلونَ وَصْفَه، فلم يزَلْ قاضيًا إلى أوّل سنة عشرينَ ومئتَيْن، فشاوَرَ فيها في قضيّةٍ من أحكامِها الفقهاءَ، فأشار عليه يحيى بنُ يحيى برأيهِ، وقد كان طَوْعَ يحيى، وخالَفَه سَعِيدُ بن حَسّان وعبدُ الملِك بن حَبِيب وغيرُهما، فتوقَّف عن القضاءِ فيها وأدخَلَ عليهم قضيّةً ثانيةً شاوَرَهم فيها مُكاتَبةً على العادة، فلمّا أتى كتابُه يحيى بنَ يحيى أصابه واجِدًا عليه، فقال لرسُولِه: ما أفُكُّ له كتابًا ولا أُشيرُ عليه بشيءٍ؛ لأنّي قد أشَرْتُ عليه في قصّة فلانٍ فلم يُنفِذِ القضاءَ وعلَّقَه، فلمّا انصَرفَ إليه رسُولُه وأعلَمَه بما خاطَبَه به يحيى بنُ يحيى رَكِبَ مِن فَوْرِه إليه، فقال له: لم أظُنَّ أنه يَشُقُّ عليك توقُّفي عن القضاءِ لفلان، ولكنّي أقضي لهُ يومي هذا وأُنفِذُ قضيّتَه وإسجالي، فقال له يحيى: وتفعل؟ قال: نعم، فقال له يحيى: يا هذا، إنّما ظننتُ إذْ خالفَنَي أصحابي كأنّك توقَّفتَ عن القضاءِ مُستخيرًا لله تعالى، متخيِّرًا في الأقوال، إذْ عنِ استثباتٍ أو شَكّ دَخَلَ عليك في أمري عليكَ برأي، فأمّا إذْ صِرتَ تقضي برِضا مخلوقٍ ضعيف فلا خيرَ فيما تجيءُ به، فارفَعْ تَستعفي فإنه أستَرُ لك، وإلّا رَفَعْتُ في عَزْلِك، فرَفَعَ يَستعفي، فعُزِل عن القضاء، ووَليَ مكانَه يُخامِر بن عثمانَ أبو مُخارِق، وذلك أوّل عشرينَ ومئتَيْنِ كما تقَدَّم، وكانت ولايةُ القضاءِ في أيام عبد الرّحمن بإشارر يحيى بن يحيى. فهذا ما يُعتمَدُ في ذكْرِ هذا الرجل، ذكَرَه أبو عبد الملِك بن عبد البَرّ وغيرُه.

٦٢٠ - محمدُ بن سَعِيد، دانيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ مشتاليَهْ.

٦٢١ - محمدُ (١) بن سَعِيد، سَرَقُسْطيٌّ، ابنُ المَشّاط.

كان له اعتناءٌ بعلم العدَد، ورَحَلَ في طلبِه إلى مِصرَ، لقِيَه القاضي صاعدٌ.


(١) ذكره صاعد في طبقات الأمم (٧٠)، وترجمة ابن الأبار في التكملة (١١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>