للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَدِمَ مَرّاكُش في جَمْع من أهل شرقِ الأندَلُس، فيهم: أبو عبد الله بنُ حَمِيد، وكان حينَئذٍ قاضيَ بَلَنْسِيَة، فرَفَعَ أبو عبد الله بنُ نُوح على القاضي أبي عبد الله بن حَمِيد أشياءَ لم يُقبَلْ قولُه فيها، وعاد سَعْيُه عليه حتى أدَّى إلى سِجنِه على ما سيُذكَرُ في رَسْم أبي عبد الله بن حَمِيدٍ، إن شاء اللهُ تعالى.

مَولدُه ببَلَنْسِيَةَ وقتَ الزَّوال من يوم السّبت لليلتَيْن خَلَتا من جُمادى الآخِرة سنةَ ثلاثينَ وخمس مئة، وتوفِّي بها قبلَ الزَّوال بساعةٍ يومَ الاثنينِ لستٍّ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وست مئة، وتوَلّى غُسْلَه المؤذِّنُ أبو عبد الله ابنُ الرَّقّام، وتولَّى صَبَّ الماءِ عليه أبو الحَسَن بنُ خِيَرةَ الخَطيبُ وابن واجِب وأبو الرّبيع بن سالم، وصَلَّى عليه أبو الحَسَن بن خِيَرةَ المذكورُ بالجامع، وهُو الذي أقبَرَهُ، ونزَلَ معَه مُعِينًا في إقبارِه الأستاذُ أبو عبد الله بنُ أبي البقاء، ودُفن بعدَ عَصْر يوم الثلاثاءِ ثاني يوم وفاتِه بمقبُرةِ باب الحَنَش، واحتَفلَ الناسُ لحضورِ جَنازته، وأثنَوْا عليه طويلًا، وأسِفوا لفَقْدِه، ورُثيَ بمَرَاثٍ كثيرة، رحمه الله. قال ابنُ الزُّبَير: وما أُراه رَحَلَ عنها قَطُّ ولا خرَجَ منها -يعني بَلَنْسِيَةَ- إلى أن توفِّي، وقد ذكَرْنا خروجَه عنها وسَفَرَه إلى مَرّاكُشَ، فاعلَمْه.

٣٤٧ - محمدُ (١) بن أبي بكر بن أحمدَ بن عَيّاش الحارِثيُّ، مُنَكَّبِيٌّ، أبو بكرٍ وأبو عبد الله.


(١) ترجمه ابن الأبار في التكملة، وتكرر عليه، فذكره أولاً (١٦١٨)، ثم أعاده في الرقم (١٧٠٥) وكناه في الأولى: أبا عبد الله، وفي الثانية: أبا بكر. وجاء بهامش ب: "وروى أيضًا ابن عياش هذا عن أبوي علي: الرندي وابن هانئ اللخمي، وأبوي محمد: القُرطبي وابن الفرس عبد المنعم، وابن جبير وغيرهم. أخذ عنه أبو إسحاق البلفيقي وقال: إنه توفي سنة ست وثلاثين. قرأت بخط أبي إسحاق: أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بمنكّب حرسها الله قال: أنشدني أبو الحسين محمد بن جبير الكناني لنفسه:
طهر بماء التقى جنانك ... واصحب على حاله زمانك
ودار أبناءه عسى أن ... تنال من بغيهم أمانك
واصمت إذا ما سمعت لغوًا ... ولا تحرك به لسانك"

<<  <  ج: ص:  >  >>