للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الموضِع الذي تُعيِّنُه لتلاقينا فيه، وأرسِلْ إليّ [غلامَك يُعيِّنْ ليَ] الموضعَ فأقصِدَ إليك فيه فنجلسَ فيه ما قُدِّر ونفترق، [فوافَقَ على ذلك، وكان] حالُهما في التلاقي على هذا بُرهةً من الدّهر، ثم إنّ أبا [إبراهيمَ قال: إنّي] رأيتُ أن نَبِيتَ معًا، فقال أبو زكريّا: هذا ما لا يُمكنُني [قَبُولُه أبدًا] فقال له: وما يمنَعُك من ذلك؟ فقال: إنّي عاهدتُ اللهَ أن لا أُبايتَ [أحدًا لا عندي] ولا عندَه، فتَرَكَهُ على حالِه مُستكثرًا بما تأتَّى له من مُساعدتِه [على] الاجتماع به على ما وُصِف.

قال أبو جعفرٍ الجَيّار (١): ما رأيتُ أشدَّ حياءً منه ولا أزهَدَ، ولا تركَ بعدَه مثلَه فيما عَلِمت، وكانت له دراهمُ من مكسَبٍ طيِّب وأصل حلال، وكان قد دفَعَها إلى ثقةٍ من إخوانِه ليتَّجرَ له بها على حُكم القِرَاض فيتقوَّتَ بما يُفيءُ اللهُ عليه من رِبحِها، فلمّا مرِضَ مَرضَه الذي ماتَ منه أوصَى بثُلُثِه لأُولي السَّتْرِ من أهل غَرْناطة وجعَلَ رحمه الله تنفيذَ ذلك إلى سَعِيد بن الحاجِّ بن سَعِيد فنَفَّذَه بعدَه، وكان قد بَعَثَ إليّ بجُملةِ مال إلى مالَقةَ من غَرْناطة، وكتَبَ إليّ أن أشتريَ بها سِلَعَ حُكْرة، فإذا بَلَغَك أنّي توفِّيتُ فتصَدَّقْ بجميعِه على أهل السَّتْر، ففعَلتُ وبَقِيتِ السِّلَعُ نحوَ العامَيْن، فلمّا توفِّي بِعتُها وتصَدَّقتُ بثمنِها كما ذَكَرَ، وصادَفَ ذلك وقتَ شدّةٍ في السِّعر.

وكانت وفاتُه رحمه اللهُ بغَرْناطةَ يومَ الأحد لخمسٍ خَلَوْنَ من شوّالِ ثمانٍ وست مئة، وقال ابنُ الأبّار: يومَ الاثنين يومَ وفاةِ أبي عبد الله بن نُوح ببَلَنْسِيَةَ، ومولدُه بدمشقَ سنة سبع، وقال ابنُ الأبّار: آخرَ ثمانٍ وأربعينَ وخمس مئة.

١٩٨ - يحيى (٢) بنُ عبّاس بن أحمدَ بن أيّوبَ القَيْسيُّ، قُسْطنطينيٌّ، أبو زكريّا.

أخَذ ببلدِه عن أبي زكريّا بن علي الزَّوَاويّ، وأبي زَيْد بن عليّ بن الحَجَر، وأبي عبد الله بن مَيْمونٍ السّمنطاريِّ القَلْعيّ، وأبي العبّاس بن أبي الرّبيع بن ناهِض، وأبي محمدٍ عبد الله الرِّكْليِّ بن أَمَةِ الله.


(١) هو أحمد بن عبد المجيد بن سالم، تقدمت ترجمته في السفر الأول برقم (٣٣٥).
(٢) ترجمه ابن الزبير في صلة الصلة ٥/الترجمة (٥٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>