للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٧ - محمدُ (١) بن عليٍّ ابن العابد، فاسيٌّ، أبو عبد الله، ابنُ العابد.

قَدِمَ الأندَلُسَ في حدود الثلاثينَ وست مئة، وارتَسمَ بالكتابة عن الأمر أبي عبد الله بن يوسُف بن نَصْر ابن الأحمر. وكان كاتبًا مُحسِنًا، شاعرًا مطبوعًا، تلبَّس حينًا بعَقْد الشّروط والكَتْبِ عن قاضي الجماعة أبي الحَسَن بن محمد بن أبي عشَرةَ الفاسيِّ (٢) بمَرّاكُش، وإيّاه فاتَحَ أبو عبد الله ابنُ الجَنّان بالرّسالة العَيْنيّة حسْبَما مَرّ ذكْرُ ذلك في رَسْمِه (٣).

قال أبو القاسم عبد الكريم بن عِمران: كتبتُ إليه أستَقرِضُه بعضَ قريضِه بعدَ أن شافهْتُه بذلك ووعَدَ به فمَطَلَ [من الطويل]:

إذا الشّعرُ وافَى في شعار ابن عابدٍ ... تقاصَرَ فيه الوَصْفُ عن حُسن موصُوفِ

سَبَى مُهَجَ الرائينَ لألاءُ لؤلؤٍ ... له فوقَ أجيادِ الإجادةِ مرصُوفِ

ورَقّ نسيمًا فانتَشِق لهبوبِهِ ... شَذا وَرَقٍ من جنّة الخُلدِ مخصوفِ

يُولّدُ في أهل الوقارِ سَماعُهُ ... خفوفَ اهتزازٍ مثلَ ما شطح الصُّوفي

لئن زان تأليفي ببعضِ قريضِهِ (٤) ... لقد تُجتَلَى الحسناءُ في خَشِن الصُّوفِ

أيُّها الشاعرُ المُفلِق، قولةَ مُنصِف لا متملِّق، بَقِيتَ وللعُصُر بك اختيال، ولزَهْر الآدابِ من خمائل شمائلِك انثيال، ومهما ذكرَ القريض، بتصريحٍ أو بتعريض، فالناسُ فيه على براعتِك عِيال، اقتضَى الودُّ الذي لم نزَلْ نتعاطاه تعاطيَ الجِريال، والاعتدادُ [بالأُخوّةِ التي لم نفتَأْ] نجُرُّ في مجَرّة برودِها سابغةَ الأذيال، أن أهُزَّ


(١) له ترجمة في الإحاطة ٢/ ٢٨٧، وجذوة الاقتباس رقم (٢٠٣)، وقيل الابتهاج: ٢٥٤، ٣٠٥. وولده محمد الكاتب من بعده له ترجمة في الإحاطة ٢/ ٢٨١. وانظر أيضًا اللمحة البدرية: ٥٣.
(٢) تقدمت ترجمته في هذا السفر رقم (١١).
(٣) انظر السفر الخامس، الترجمة (٦٣٦).
(٤) في الأصل: "فريضة".

<<  <  ج: ص:  >  >>