للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنا سالم، وأبو محمد ابنُ القُرطُبيّ، ثم تحوَّل إلى فاسَ فرَوى عنه بها أبو البقاءِ يَعيشُ بن عبد الله بن أحمدَ بن عليّ الحَسَنيّ ابنُ الطويل.

وكان فقيهًا حافظًا، شاعرًا مُحسِنًا، ماهرًا في الحسابِ عارِفًا بفرائضِ المَواريث، وعَلَّم بهما طويلًا بفاسَ، ذاكرًا تواريخَ الصّالحين وأخبارَهم؛ ومصنَّفاتُه في ذلك كلِّه جليلةٌ نافعة، منها: "لُبَابُ (١) اللُّبَاب في بيانِ مسائلِ الحساب" وكتابُ "الزّاهِر في المواعظِ والآداب" (٢). وكُفَّ بصَرُه قديمًا نفَعَه اللهُ، ثم عاد إلى المشرِق فجاوَرَ بمكّةَ، كرَّمها اللهُ، إلى أن توفِّي في محرَّمِ أحدٍ وست مئة.

٦٥١ - عليُّ (٣) بن محمد ابن الفَضْل المَعافِريُّ، أبو الحَسَن.

كان كاتبًا بارِعًا، شاعرًا مُجِيدًا، حَسَنَ الخُلُق كريمَ الشمائل، لَوْذَعيًّا نظيفَ الملابس، جميلَ العِشرة، وكان بينَه وبينَ أبي البحرِ صفْوانَ بن إدريسَ وغيِره من أُدباءِ عصرِه مُكاتَباتٌ ومُراجَعات ظهَرَ فيها نُبلُه وبَراعةُ مآخِذِه وإجادتُه. وحَضَرَ وقتًا متنزِّهًا بوادي إشبيلِيَةَ في طائفةٍ من أصحابِه، منهم أبو بحرٍ صَفْوانُ بن إدريسَ ومُدّعٍ الرمايةَ وهو لا يُحسِنُها، فطَلَبَ من أبي بحرٍ وَصْفَ ذلك الحالِ فقال [الرجز]:

أعِدْ على سَمْعي أحاديثَ المُنَى ... فما قبيحٌ أنْ تُعيدَ الحَسَنا

وغنِّني بذِكْرِها لياليًا ... إنّ الغناءَ بِهَوى النفْسِ غِنى

وداوِ بالأخبارِ عنها أُذُني ... فرُبَّ أخبارٍ تُداوي الأُذُنا

يا نعمةً من زمنٍ مُساعدٍ ... لو شئتَ منه رَدَّ أمسٍ أمكَنا

[١١٦ و] ما كانتِ اللَّذَّاتُ إلا حُلُمًا ... شاهدتُها أثناءَه تيَقُّنا


(١) في هامش ح: "ابن الأبار: لب".
(٢) منه نسخة خطية في الخزانة العامة بالرباط.
(٣) ترجمه التجيبي في زاد المسافر (٣١)، وابن سعيد في المغرب ٢/ ٢٨٦، واختصار القدح المعلى (١٠٨)، والمقري في أزهار الرياض ٢/ ٢١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>