وأنشدتُ على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْنيّ رحمه الله قال: أنشَدَني الراوِيةُ أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، قال: أنشَدَني أبو جعفرٍ عبدُ الله بن عبد الرحمن بن مَسْلَمةَ، قال: أنشَدَني الأستاذُ أبو العبّاس بن سيّد لنفسِه يُخاطبُ ابنَ فُضَيْل الكاتبَ في هجرةٍ نالَتْه [البسيط]:
لا تيأسَنَّ فكم ضِيقٍ إلى سَعةٍ ... فيما بلَوْنا وكم همِّ إلى فَرَجِ
إنَّ الأميرَ أبٌ نالَتْك جَفْوتُه ... وهل على جَفوةِ الآباءِ من حَرَجِ
ومن شعرِه في حالِ مرضٍ أصابَه [المتقارب]:
وقائلةٍ والضَّنى شاملي: ... عَلامَ سهِرتَ ولم تَرقُدِ
وقد ذاب جِسمُك فوقَ الفِرا ... ش حتى خَفِيتَ على العُوَّدِ؟
وكان دأبُه استصحابَ كِسْرةِ خُبز لا يُفارقُها، فقيل له في ذلك، فذَكَرَ أنه قيلَ له في النّوم: لا يموتُ إلا عطشان، فأنا أخافُ من ذلك، فإنْ أصابَني العطشُ دفعتُها إلى سَقّاءٍ يَسقيني، فقضَى اللهُ سبحانه أن توفِّي وحيدًا في منزلِه، فلا يَبعُدُ أن يكونَ مات عَطَشًا كما أُخبِر في النّوم، واللهُ أعلم.
وكانت وفاتُه بإشبيلِيَةَ عامَ سبعة أو ثمانية، وقيل: ثلاثة، وقال أبو الحَسَن الشارِّي: اثنينِ وسبعينَ وخمس مئة. وهذان القولانِ الآخِران كلاهما باطلٌ قَطْعًا، فقد وقَفْتُ على بعض ما قُرئ عليه مؤرَّخًا بجُمادى الأُولى سنةَ أربع وسبعينَ.
مَولدُه في صَفَرِ ثنتينِ أو ثلاث -الشكُّ منه- وخمس مئة.
٤١٢ - أحمدُ (١) بن عليّ بن محمد بن عليّ بن سَكَن، مُرباطري، أبو العبّاس.
(١) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٣٠٥)، والذهبي في تاريخ الإِسلام ١٤/ ٣١١، والصفدي في الوافي ٧/ ٢٣٨، وابن الجزري في غاية النهاية ١/ ٨٧، والقادري في نهاية الغاية، الورقة ٢٠، والسيوطي في بغية الوعاة ١/ ٦٤٥، والمقري في نفح الطيب ٢/ ١٣٧.