للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧١ - محمدُ (١) بن إبراهيمَ الغَسّانيُّ، تِلِمْسينيٌّ، [سَكَنَ آسَفِي، أبو عبد الله] التِّلِمْسينيُّ.

أخَذَ ببلدِه عن أبي عبد الله التُّجِيبيِّ، وابن عبدِ [الحقِّ، وبسَبْتَةَ] عن أبي العبّاس العَزَفيّ، وبإشبيلِيَةَ عن أبي بكر بن طلحةَ، وأبي عليّ [الشَّلَوْبِين. كان] ذا حظٍّ صالح من روايةِ الحديث، عَدْلًا فيما يَرويه متقدِّمًا في ضَبْطِ اللّغات، [ذاكرًا] للآدابِ والتواريخ والأنساب، مُشاركًا في الفقهِ والنَّحوِ، ضاربًا في قَرْض الشّعرِ [بسَهْم] مُصيب، مُتَحَرِّفًا بالتجارة في القَيْساريّة بآسَفِي يقعُدُ في حانوتِه لاسترزاقِه كلَّ يوم يُديرُها فيها بعدَ الفراغ من مجلسِ تدريسِه "الموطَّأ" و"السِّيَر" والنَّحوِ والآدابَ واللّغة.

وكان على طريقةٍ مَرْضِيّةٍ ومن أهل الدِّين المَتِين والانقباضِ عن مُخالطة الرؤساءِ وملابستِهم.

وردتُ آسَفَي في أول قَدْمةٍ قدمتُ عليها يومَ الاثنين لأربع بقِينَ من جُمادى الأولى سنةَ ثلاثٍ وستّينَ وست مئة فعَرفْتُ مرَضَه، وقَصَدَني ابنُه جعفرٌ مسلِّمًا عنه عليّ وذاكرًا تشوُّقَه إليّ، فتواعَدتُ معَه لعيادتِه من الغدِ، فجاء إلى منزلي من الغدِ وافيًا بوعدِه ومُعتذرًا عن لقائه بعُذرٍ قبِلتُه وأدرَجَ فيه رجاءَ تماثُل حالِه وإرجاءِ لقائه إلى [يوم آخر، وتوفي] (٢) يوم الأربعاء لليلتَيْن بقِيَتا من جُمادى المذكورة، ودُفن من الغدِ إثرَ صلاةِ الظهر بالمقبُرةِ التي بقِبلي جامع آسَفِي الأعظم، وحضَرتُ جنازتَه وكانت مشهودةً، وكنتُ قائدَ شيخِنا أبي عليّ الماقريِّ (٣) الضَّريرِ فيها، ولم يتَخلَّفْ عنها أحدٌ، وأتْبَعَه الناسُ ثناءً جميلًا. وكان أبو عليّ يُطيلُ الثناءَ عليه ويُشيدُ بذكرِه.


(١) له ترجمة في تعريف الخلف ٢/ ٢٣٢ ولا نعرف مصدره فيها.
(٢) زيادة متعينة لخلل في النص.
(٣) كثيرًا ما يشير المؤلف إلى شيخه هذا، ولا بد أنه عقد له ترجمة في القسم المفقود من الغرباء، وقد تحدث عنه استطرادًا بما فيه فائدة في السفر الأول (الترجمة ٢٢٥، ٨٤١، ٨٧١) وانظر مفاخر البربر: ٦٨ - ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>