للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقتِ شيئًا هُو أنفعُ من الصِّدق، إنّي أبغضْتُك في الله عزَّ وجَلَّ فلم ينفَعْك عندي كلُّ ما صنعتَه معي؛ فأخَذَتِ الحَكَمَ رحمةٌ ثم قال: والله لقد بَعثتُ إليك وما في الأرض عِقابٌ إلا وقد مثلتُه لأُوقعَه بك، فأنا أُعلمُك أنّ الذي أبغضتَني له قد صرَفَني عنك، فانصرِفْ في حِفظِ الله آمنًا، والله لا ترَكتُ بِرَّكَ وما كنتُ عليه في جانبِك حياتي إن شاء اللهُ تعالى، فليتَ الذي كان لم يكُنْ، فقال له: لو لم يكنْ كان خيرًا لك. ثم قال له: أين كنتَ وأين ظَفِرَ بك أبو البَسّام؟ فقال: والله ما ظَفِرَ بي، ولكنْ أنا أظفَرتُه بنَفْسي وقَصدتُه لوُصلةِ كانت بيني وبينَه، قال له: وأين كنتَ في عامِك هذا؟ قال: عند رجُلٍ من اليهود؛ فقال الحَكَمُ للوزير: أَبا البَسّام! رجلٌ من اليهودِ حَفِظَ فيه محَلَّه من الدِّين والعلم وخاطَرَ فيه بنَفْسِه وأهلِه ووَلَدِه معي، وأنت أردتَ أن تُنشِبَني فيما أنا نادمٌ عليه اليومَ وعلى مثلِه؟ ثم قال لأبي البَسّام: اخرُجْ عنّي، فوالله لا رأيتُ لكَ وَجْهًا أبدًا، وأمَرَ برَفْع فِراشِه وعَزْلِه؛ ثم لمِ يزَلِ اليهوديُّ محفوظَ الجانبِ مذكورًا بالجميل مُذْ ذلك اليوم هُو وعَقِبُه، ولم يزلْ أبو البَسّام مُذْ ذلك اليوم يَسفُلُ هو وعَقِبُه، وبَقِيَ طالوتُ مبرورًا محفوظًا على ما شَرَطَ له إلى أن توفِّي، وحضَرَ الحَكَمُ جَنازتَه (١).

٢٧٥ - طاهرُ بن أحمدَ بن عبد الله بن خِيَرةَ، بَلَنْسِي، أبو الحَسَن.

[٤٣ ب] رَوى بالأندَلُس عن غيرِ واحد، ورحَلَ إلى المشرِق صُحبةَ أخيه أبي الحَسَن، ورَوى بالإسكندَريّة عن عبد العزيز بن عيسى الشَّرِيشيِّ وأبي الفَضْل عبد المجِيد بن دُلَيْل.

٢٧٦ - طاهرُ بن أحمد بن طَلْحةَ المَعافِريّ، أندَلُسيّ، أبو محمد.

له رحلةٌ إلى المشرِق لقِيَ فيها بالمَهْديّة أَبا بكر عبدَ الله بن طَلْحةَ وأخَذَ عنه سنةَ خمسَ عشْرةَ وخمس مئة، وكان مُقرئًا مجوِّدًا فاضلًا.


(١) الحكاية في ترتيب المدارك ٣/ ٣٤٠ - ٣٤٢، والمقتبس لإبن حيان ١٦٦ - ١٦٩ (ط. محمود مكي)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>