للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الموسم (١) فلم يتشوَّفْ إليها ولا عرَّجَ عليها واشتَغل عنها بما رأى في الحال أنه أهمُّ منها. ولمّا عاد فتاهُ إليه بعدَ بُطءٍ سألهُ عن سببِ إبطائه، فذَكَرَ أنه كان في ارتقابِ الحاجبِ عَنْبر الصّغير حتى وَجَدَ إليه سبيلًا فدَفَعَ البطاقةَ إليه، فقال له: أين دفعتَها؟ فقال له: بباب القَرّافين (٢)! فسُقِطَ في يدِه وكتَبَ في الفَوْرِ بطاقةَ في العُذرِ عمّا تضمَّنتْه تلك البطَاقةُ الأولى، وقال له: احمِلْها إلى الحاجبِ وادفَعْها إليه، فلمّا صارت هذه البطاقةُ الثانيةُ إلى يد الحاجبِ عَرَضَها على الرّشيد، فقال: ما لهذا الإنسانِ والإلحاح، وقد رفَعَ الآنَ بطاقةً أخرى! ما هذا إلا لزيادةٍ عندَه، ففَكَّ طابَعَ هذه الثَّانية وقرأها فوجَدَها في الاعتذار عن مُضمَّن البطاقةِ الأولى، فارتابَ لها والتمسَ البطاقةَ الأولى بينَ غيرها من الرّقاع التي رُفِعت إليه ذلك الوقتَ فألْفاها مشتملةً على مقاصدَ لا يَسمَحُ الملوكُ في مثلِها، وبعَثَ في الحينِ عنه وعن أبي حَفْص وأُدخِلا إلى القَصْر، فكان آخرَ العهدِ بهما، وكان ذلك سنة تسع (٣) وثلاثينَ وست مئة، نسألُ الله حُسنَ العاقبة ودوامَ العافية.

١٣٧ - محمدُ (٤) بن قاسم بن عبد الكريم التَّميميُّ، فاسيٌّ، أبو عبد الله.

رَوى ببلدِه عن أبي إسحاقَ ابن قُرقُول، وآباءِ الحَسَن: ابن أحمدَ بن حُنَيْن وابن الحَسَن اللَّوَاتيّ وابن موسى ابن النَّقِرات، وأبي عبد الله بن عليٍّ ابن الرَّمّامة -وهُو أولُ من سَمِع هو عليه- وأبي محمد بن محمد ابن الصّائغ السَّبْتيّ؛ وبسَبْتةَ عن أبي عبد الله بن حَسَن بن غازي، وأبي محمد بن عُبَيد الله.


(١) كان الموسم حسب البيان سبعًا وعشرين من رمضان.
(٢) سبب غلط الغلام أنه كان هناك باب السراجين القديم وباب السراجين الجديد الذي أصبح يعرف بباب القراقين.
(٣) في أعلام مالقة: "ووصل مالقة خبر موته في أوائل ذي قعدة عام ثمانية وثلاثين وست مئة" أما ابن عذاري فساق الحادثة في أخبار تسع وثلاثين ثم قال في آخرها: "ولم أتحقق تاريخ هذه المسألة هل كانت في هذه السنة أو في التي قبلها".
(٤) ترجمه ابن الأبار في التكملة (١٧٣٤)، والذهبي في المستملح (٣٤٠) وتاريخ الإسلام ١٣/ ٨٤، والكتاني في فهرس الفهارس ٢/ ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>