أجمل المؤلف غايته من كتابه هذا بقوله:"أما بعد فإني قصدتُ في هذا الكتاب إلى تذييل "صلة" الراوية أبي القاسم ابن بَشْكُوال تاريخَ الحافظ أبي الوليد ابن الفرضي -رحمهما الله- في علماء الأندلس والطارئين عليها من غيرهم، بِذِكْر مَن أتى بعده منهم، وتكميلها بمن كانَ حقُّه أن يَذكراه فأغفَلاه". فكتابُه إذن تتمةٌ لمن جاءَ بعد ابنِ بشكُوال من أئمةٍ واستدراكٌ لما فاتَهُ وفاتَ ابنَ الفرضي.
وقد كان أمامَه أحدُ طريقَيْن: أنْ يتَّبع ترتيبَ الحروف حسبما يوردها المشارقةُ، كما فعل ابنُ الفرضي وابن بَشْكُوال، أو يتَّبعَ الترتيبَ المغربي كما فعل ابنُ الأبّار وابنُ فَرْتون وابنُ الزُّبير، ذلك أنَّ نسق الحروف عند الفريقين يتَّفق حتى حرفِ الزاي ثم يجيء عند أهل المَغْرب والأندلس على النحو التالي: ط - ظ - ك - ل - م - ن - ص - ض -ع - غ - ف - ق - س - ش - هـ - و - ي، وقد آثر أن يتَّبع الترتيبَ المشرقي؛ لصحَّة اعتباره، إلا أنه بدأ في حرفِ الهمزة بمن اسمُه "أحمد"، وفي حرف الميم بمن اسمه "محمد"؛ تبرُّكًا بموافقة اسمَي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقدَّم في باب العَيْن مَن اسمه عبدُ الله وعبد الرّحمن ووسَّط بينهما مَن اسمُه عُبيد الله؛ لشَرَفِ الإضافة، وأتى بمن اسمُه عبدُ الرّحيم بعدَ مَن اسمُه عبد الرّحمن؛ لتلازمهما في "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، ثم أمعنَ في تحكيم الترتيب الهجائيِّ في ثَواني الأسماء، فجاء آدم -لأنه يبدأ بهمزتَيْن- ثم أبان وإبراهيم وأبو بكر وأبو العافية (دون اعتبارٍ لأداة التعريف)، وهنا ذَكَرَ الكُنى التي هي أسماء. فلمّا فرغ من الأسماء التي ثانيها باءٌ لم يجدْ أسماءً بعدها إلا التي ثانيها خاء، مثل: أخْطَل وأخْيَل، ثم أتْبَعها بما ثنيهِ دال مثل: إدريس، وزايٌ مثل: أَزْهر، وسين
(١) كتب هذه القطعة الدكتور إحسان عباس، يرحمه الله، في مقدمة السفر الرابع، وقرأها الدكتور بشار عواد معروف.