للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان محدِّثًا راوِيةً، فقيهًا حافظًا مُشاوَرًا، ماهرًا في علم العربيّة، ذاكرًا للآداب، حاشِدًا للّغات، مُشرِفًا على التواريخ، متقدِّمًا في ذلك كلِّه، مُمَتَّعًا (١) بحواسِّه وببَصِره على طُول عُمُرِه، وكان القاضي أبو أُميّةَ بنُ عِصام (٢) يعتمدُ عليه ويَستَنيبُهُ على مُرسِيَةَ إذا غابَ عنها وعلى قضاءِ إلْش، إذْ كان أبو أُميَّةَ كثيرًا ما يَجُولُ في المَشْرق يتفقَّدُ بلادَه.

واستَوطَنَ دانِيةَ كثيرًا، وتوفِّي بمرْسِتةَ بعدَ صلاة الجمُعة لأربع خَلَوْنَ من رمضانِ ثلاثةٍ وثلاثينَ وخمس مئة وقد زاحَمَ التسعين، وأُدرج في ثيابٍ شَهِدَ بها صلاةَ الجمُعة أربعينَ سنة، ودُفن بمسجدِه بإزاءِ قبرِ أبيه وجدِّه، رحمهم الله.

٣٤٩ - أحمدُ (٣) بن عبد المؤمن بن موسى بن عيسى بن عبد المؤمن القَيْسيُّ، وكان أبو الحَسَن بن لَبال يُثْبِتُ نسَبَهم في بني أُميّة، شَرِيشيٌّ، أبو العبّاس.

وأخبَرَني شيخُنا أبو عليٍّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ أنه يُعرَفُ بابن مؤمن، وأنّ ذلك لقَبٌ له عندَ أهل بلدِه، ولم أتلَقَّ ذلك ولا سمِعتُه عن غيره، ولعلّ ذلك إنْ صَحَّ تغييرٌ من عبد المؤمن لمكان التَّقِيّة من غَير آلِ عبد المؤمن من مشاركتِهم في الشُّهرةِ بالانتساب إلى جَدِّهم، فكثيرًا ما كانوا يفعَلونَ ذلك وُيغيِّرونَ الأسماءَ والكُنَى والأنسابَ، والمُتَّهم على الجُملة بسببِه، واللهُ أعلم.

رَوى أبو العبّاس ببلدِه عن آباءِ بكر: ابن (٤) عُبَيد وابن مالك ويحيى بن عيسى بن أزهَر، وأبي الحَسَن بن أحمدَ بن لَبّال، وأبي العبّاس بن عبد الواحد


(١) في ق: "متمتعاً"، خطأ.
(٢) في ق: "عاصم"، محرف، وهو أبو أمية إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن عصام، من أهل مرسية وقاضي قضاة الشرق، مترجم في التكملة الأبارية (٣٦٧)، والمعجم في أصحاب القاضي الصدفي (٤١).
(٣) ترجمه ابن الأبار في التكملة (٢٨٠)، والرعيني في برنامجه ٩٠، والذهبي في تاريخ الإِسلام ١٣/ ٥٧٠، والصفدي في الوافي ٧/ ١٥٨، وابن تغري بردي في المنهل الصافي ١/ ٣٥٥، والسيوطي في بغية الوعاة ١/ ٣٣١، والمراكشي في الإعلام ٢/ ١٣١.
(٤) بعد هذا فراغ في النسختين.

<<  <  ج: ص:  >  >>